للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي يَدَيْهِمَا فَيَتَحَالَفَانِ وَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ تَنَازَعَا مُسَنَّاةً بَيْنَ نَهَرِ أَحَدِهِمَا وَأَرْض الْآخَرِ، تَحَالَفَا وَهِيَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ تَنَازَعَا صَبِيًّا فِي يَدَيْهِمَا ـ وَإِنْ كَانَ مُمَيَّزًا ـ فَقَالَ: إِنِّي حُرٌّ، فَهُوَ حُرٌّ، إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[كَوْنُ الْعَيْنِ فِي يَدِي الْمُتَدَاعِيَيْنِ]

فصل (الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ فِي يَدَيْهِمَا فَيَتَحَالَفَانِ وَتُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ؛ لِأَنَّ يَدَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفِهَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِنْ نَكَلَا جَمِيعًا عَنِ الْيَمِينِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا وَحَلَفَ الْآخَرُ قُضِيَ لَهُ بِجَمِيعِهَا؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَا فِي يَدِهِ بِيَمِينِهِ، وَمَا فِي يَدِ الْآخَرِ بِنُكُولِهِ، أَوْ بِيَمِينِهِ الَّتِي رُدَّتْ عَلَيْهِ بِنُكُولِ صَاحِبِهِ، وَفَى كُلِّ مَوْضِعٍ قُلْنَا: هُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، إِنَّمَا يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى النِّصْفِ الَّذِي نَجْعَلُهُ لَهُ، (وَإِنْ تَنَازَعَا مُسَنَّاةً) الْمُسَنَّاةُ: السَّدُّ الَّذِي يَرِدُ مَاءَ النَّهْرِ مِنْ جَانِبِهِ (بَيْنَ نَهَرِ أَحَدِهِمَا وَأَرْضِ الْآخَرِ، تَحَالَفَا، وَهِيَ بَيْنَهُمَا) ، ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَالْوَجِيزِ؛ لِأَنَّهُ حَاجِزٌ بَيْنَ مِلْكِهِمَا يَنْتَفِعُ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَشْبَهَ الْحَائِطَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ، وَقِيلَ: لِرَبِّ النَّهْرِ، وَقِيلَ: لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلِرَبِّ النَّهْرِ الِارْتِفَاقُ بِهَا فِي تَنْظِيفِ النَّهْرِ، وَالْحَوْضُ كَالنَّهْرِ فِي ذَلِكَ.

فَرْعٌ: إِذَا تَنَازَعَا جَرَّارًا بَيْنَ مِلْكِهِمَا فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَيَتَحَالَفَانِ، وَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ أَنَّ نِصْفَهُ لَهُ، وَفِي الْمُغْنِي: يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّ كُلَّهُ لَهُ (وَإِنْ تَنَازَعَا صَبِيًّا) مَجْهُولَ النَّسَبِ (فِي يَدَيْهِمَا) كذلك، أَيْ: يَتَحَالَفَانِ وَهُوَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَبَّرُ عَنْ نَفْسِهِ، أَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ، إِلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَنَّ سَبَبَ يَدِهِ غَيْرُ الْمِلْكِ، مِثْلَ: أَنْ يَلْتَقِطَهُ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لِرِقِّهِ؛ لِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ، فَأَمَّا غَيْرُهُ فَقَدْ وُجِدَ فِيهِ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَهُوَ الْيَدُ مِنْ غَيْرِ مُعَارَضَةٍ، فَيَحْكُمُ بِرِقِّهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ.

فَعَلَى هَذَا: إِذَا بَلَغَ وَادَّعَى الْحُرِّيَةَ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِرِقِّهِ قَبْلَ دَعْوَاهُ، فَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى بَدَنِهِ، وَالْآخَرُ عَلَى ثَوْبِهِ، فَهُوَ وَثَوْبُهُ لِلْأَوَّلِ (وَإِنْ كَانَ مُمَيَّزًا، فَقَالَ: إِنِّي حُرٌّ، فَهُوَ حُرٌّ) قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَذَكَرَ فِي الشَّرْحِ: أَنَّهُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْحُرِّيَّةُ، وَهِيَ الْأَصْلُ فِي بَنِي آدَمَ، وَلِأَنَّهُ يُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهِ، أَشْبَهَ الْبَالِغَ

<<  <  ج: ص:  >  >>