للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونَ كَالطِّفْلِ، وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حَكَمَ لَهُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، قَدَّمَ أَسْبَقَهُمَا تَارِيخًا، فَإِنْ وُقِّتَتْ إِحْدَاهُمَا وَأُطْلِقَتِ الْأُخْرَى، فَهُمَا سَوَاءٌ، وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الْمُطْلَقَةِ، وَإِنْ شَهِدَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْمِلْكِ، وَالْأُخْرَى بِالْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

(إِلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِرِقِّهِ) فَيُعْمَلُ بِهَا (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَالطِّفْلِ) أَيْ: يَكُونَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، أَشْبَهَ الطِّفْلَ، وَكَمَا لَوِ اعْتَرَفَ بِرِقِّهِ.

فَرْعٌ: إِذَا ادَّعَيَا رِقَّ بَالِغٍ فَصَدَّقَهُمَا فَهُوَ لَهُمَا، وَإِنْ كَذَّبَهُمَا ـ وَلَا بَيِّنَةَ ـ حَلَفَ لَهُمَا وَخُلِّيَ، وَإِنْ صَدَقَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ لَهُ؛ لِأَنَّ رِقَّهُ إِنَّمَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، وَإِنْ جَحَدَهُمَا قَبْلَ قَوْلِهِ فِي الْأَشْهَرِ، وَفِي الرِّعَايَةِ: إِنْ سَكَتَ هُوَ أَوِ الْمُمَيَّزُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُمَا.

وَقِيلَ: بَلَى، فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً بِرِقِيِّة أَحَدُهُمَا، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِحُرِّيَّتِهِ تَعَارَضَتَا، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحُرِّيَّةِ، وَقِيلَ: عَكْسُهُ (وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حَكَمَ لَهُ بِهَا) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُظْهِرُ صَاحِبَ الْحَقِّ (وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ، قَدَّمَ أَسْبَقَهُمَا تَارِيخًا) قَالَ الْقَاضِيَ: هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّهَا أَثْبَتَتْ لِصَاحِبِهَا فِي وَقْتٍ لَمْ تُعَارِضْ فِيهِ الْبَيِّنَةُ الْأُخْرَى فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ، وَلِهَذَا لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْبَاقِي ذَلِكَ الزَّمَانَ، وَتَعَارَضَتِ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْمِلْكِ فِي الْحَالِ فَسَقَطَتَا وَبَقِيَ مِلْكُ السَّابِقِ تجب اسْتَدَامَتِهِ، مِثْلَ أَنْ تَشْهَدَ إِحْدَاهُمَا أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَةٍ، وَالْأُخْرَى أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ.

وَظَاهِرُ الْخِرَقِيُّ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ بِالْمِلْكِ الْحَادِثِ أَوْلَى لِجَوَازِ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ دُونَ الْأَوَّلِ، فَإِذَا لَمْ يُرَجَّحْ بِهَذَا فَلَا أَقَلَّ مِنَ التَّسَاوِي. وَأَجَابَ فِي الْمُغْنِي عَنْ ثُبُوتِ الْمِلْكِ فِي الزَّمَنِ الْأَوَّلِ: بِأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَثْبُتُ تَبَعًا لِلزَّمَنِ الْحَاصِلِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَتِ الدَّعْوَى بِالزَّمَنِ الْمَاضِي لَمْ تُسْمَعْ (فَإِنْ وُقِّتَتْ إِحْدَاهُمَا وَأُطْلِقَتِ الْأُخْرَى، فَهُمَا سَوَاءٌ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَنَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُطْلَقَةِ مَا يَقْتَضِي التَّقْدِيمَ، فَوَجَبَ اسْتِوَاؤُهُمَا، كَمَا لَوْ أُطْلِقَتَا جَمِيعًا (وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيمُ الْمُطْلَقَةِ) هَذَا وَجْهٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا قَبْلَ الْمُوَقَّتَةِ (وَإِنْ شَهِدَتْ إِحْدَاهُمَا بِالْمِلْكِ، وَالْأُخْرَى بِالْمِلْكِ وَالنِّتَاجِ أَوْ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، فَهَلْ تُقَدَّمُ بِذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) :

<<  <  ج: ص:  >  >>