أَوْ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ، فَهَلْ تُقَدَّمُ بِذَلِكَ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَلَا تُقَدَّمُ إِحْدَاهُمَا بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ، وَلَا اشْتِهَارِ الْعَدَالَةِ، وَلَا الرجلان عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، وَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ، وَالْيَمِينِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِذَا تَسَاوَتَا تَعَارَضَتَا، وَقُسِّمَتِ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَقَدَّمُهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ: لَا تُرَجَّحُ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي إِثْبَاتِ أَصْلِ الْمِلْكِ وَالْيَدِ فَوَجَبَ اسْتِوَاؤُهُمَا كَذَلِكَ.
وَالثَّانِي: تُقَدَّمُ بِهِ؛ لِأَنَّهَا شَهِدَتْ بِزِيَادَةٍ عَلَى الْأُخْرَى، كَتَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْجَرْحِ عَلَى التَّعْدِيلِ.
وَعَنْهُ: لَا تُقَدَّمُ إِحْدَاهُمَا إِلَّا بِالسَّبْقِ، أَوْ سَبَبٍ يُفِيدُهُ كَالنِّتَاجِ فِي مِلْكِهِ وَالْإِقْطَاعِ، فَأَمَّا سَبَبُ الْإِرْثِ أَوِ الْهِبَةِ أَوِ الشِّرَاءِ فَلَا، قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: فَعَلَى هَاتَيْنِ إِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمِلْكٍ مُنْذُ سَنَةٍ، وَأُطْلِقَتِ الْأُخْرَى، فَهَلْ هُمَا سَوَاءٌ أَوْ تُقَدَّمُ الْمُطْلَقَةُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بِسَبْقِ الْمِلْكِ أَوْ سَبَبِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ. وَقِيلَ: هُمَا كَغَيْرِهِمَا فِي السُّقُوطِ وَغَيْرِهِ.
وَكَذَا إِذَا اتَّفَقَ تَارِيخُهُمَا، قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ (وَلَا تقدم إِحْدَاهُمَا بِكَثْرَةِ الْعَدَدِ، وَلَا اشْتِهَارِ الْعَدَالَةِ، وَلَا الرجلان عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ) هَذَا هُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَدَّرَ الشَّهَادَةَ بِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ وَبِالْعَدَالَةِ وَبِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ.
وَعَنْهُ: تُرَجَّحُ بِاشْتِهَارِ الْعَدَالَةِ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَأَبُو الْخَطَّابِ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرَّجُلَيْنِ وَتَخْرِيجٌ فِي كَثْرَةِ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْخَبَرَيْنِ يُرَجَّحُ بِذَلِكَ، وَالشَّهَادَةُ خَبَرٌ، وَلِأَنَّ الظَّنَّ يَقْوَى بِذَلِكَ (وَيُقَدَّمُ الشَّاهِدَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ حُجَّةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، فَتَقَدَّمَ عَلَى الْمُخْتَلِفِ فِيهِ.
وَالثَّانِي: لَا تُرَجَّحُ بِذَلِكَ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ: بَلْ تَتَعَارَضَانِ؛ لِأَنَّهُمَا حُجَّتَانِ أَشْبَهَتَا الْبَيِّنَتَيْنِ، (وَإِذَا تَسَاوَتَا تَعَارَضَتَا) لِأَنَّهُ لَا مَزِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى (وَقُسِّمَتِ الْعَيْنُ بَيْنَهُمَا) عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute