وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِمَا إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ لَهُمَا، فَإِنْ تَبَرَّعَ أَوْ حَابَى، أَوْ زَادَ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ ضَمِنَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ مَالِهِمَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ، وَلَا يَبِيعُهُمَا إِلَّا الْأَبُ وَلِوَلِيِّهِمَا مُكَاتَبَةُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
يَتَقَدَّمَ إِلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِغَيْرِ هَؤُلَاءِ، لِأَنَّ الْمَالَ مَحَلُّ الْخِيَانَةِ وَمَنْ سِوَاهُمْ قَاصِرٌ عنهم غير مَأْمُونٌ عَلَى الْمَالِ، فَلَمْ يَمْلِكْهُ كَالْأَجْنَبِيِّ لَكِنْ سَأَلَهُ الْأَثْرَمُ عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَلَهُ وَرَثَةٌ صِغَارٌ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟
فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَصِيٌّ، وَلَهُمْ أُمٌّ مُشْفِقَةٌ يُدْفَعُ إِلَيْهَا.
[حُكْمُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ]
(وَلَا يَجُوزُ لِوَلِيِّهِمَا أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالِهِمَا إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ لَهُمَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: ١٥٢] ، وَالْمَجْنُونُ فِي مَعْنَاهُ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا ضَرَرَ، وَلَا إِضْرَارَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ (فَإِنْ تَبَرَّعَ) بِهِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ (أَوْ حَابَى) بِزِيَادَةٍ، أَوْ نُقْصَانٍ (أَوْ زَادَ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُمَا مُؤْنَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ ضَمِنَ) ، لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ فَضَمِنَ كَتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِمَا وَمُرَادُهُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَضْمَنَ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى الْوَاجِبِ لَا مُطْلَقًا (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ مَالِهِمَا شَيْئًا لِنَفْسِهِ) ، لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى الْوَصِيَّ عَنْ ذَلِكَ، وَالْحَاكِمُ فِي مَعْنَاهُ (وَلَا يَبِيعُهُمَا) ، لِأَنَّهُ كَالشِّرَاءِ مَعْنًى فَيُسَاوِيهِ حُكْمًا (إِلَّا الْأَبُ) فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا، لِأَنَّهُ يَلِي بِنَفْسِهِ فَجَازَ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيِ الْعَقْدِ كَالنِّكَاحِ، وَالتُّهْمَةُ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ مُنْتَفِيَةٌ، إِذْ مِنْ طَبْعِهِ الشَّفَقَةُ عَلَيْهِ، وَالْمَيْلُ إِلَيْهِ وَتَرْكُ حَظِّ نَفْسِهِ لِحَظِّهِ وَبِهَذَا فَارَقَ الْوَصِيَّ وَالْحَاكِمَ (وَلِوَلِيِّهِمَا مُكَاتَبَةُ رَقِيقِهِمَا) ،
لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِيلًا لِمَصْلَحَةِ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ.
وَفِي " الشَّرْحِ " إِذَا كَانَ الْحَظُّ فِيهِ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مِائَةً فَيُكَاتِبَهُ عَلَى مِائَتَيْنِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " أَنَّهَا تَجُوزُ لِغَيْرِ الْحَاكِمِ (وَعِتْقُهُ عَلَى مَالٍ) ، لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ لِلْيَتِيمِ فِيهَا حَظٌّ فَمَلَكَهَا وَلِيُّهُ كَالْبَيْعِ، وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا، لَكِنْ فِي " الشَّرْحِ " إِذَا أَعْتَقَهُ بِمَالٍ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ، أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْحَظِّ فِيهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ مَجَّانًا، وَعَنْهُ:
بَلَى لِمَصْلَحَةٍ
، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ بِأَنْ تَكُونَ لَهُ أَمَةٌ لَهَا وَلَدٌ يُسَاوِيَانِ مُجْتَمِعَيْنِ مِائَةً، وَلَوْ أُفْرِدَتْ سَاوَتْ مِائَتَيْنِ، وَلَا يُمْكِنُ إِفْرَادُهَا بِالْبَيْعِ فَتُعْتَقُ الْأُخْرَى لِتَكْثُرَ قِيمَةُ الْبَاقِيَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute