مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، عَتَقَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ إِلَّا عَمُودَا النَّسَبِ، وَإِنْ مَلَكَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
اسْتِثْنَاؤُهُ كَالْبَيْعِ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُهُمْ، وَكَمَا لَوِ اسْتَثْنَى بَعْضَ أَعْضَائِهَا، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْحَمْلَ مَعْلُومٌ، فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ لِلْخَبَرِ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ ; لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْعِوَضِ، وَالْعِتْقُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعِلْمُ بِوُجُودِهِ، وَقَدْ وُجِدَ، وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى بَعْضِ أَعْضَائِهَا ; لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ انْفِرَادُهُ عَنْهَا، بِخِلَافِهِ هُنَا.
(وَإِنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا دُونَهَا، عَتَقَ وَحْدَهُ) لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ; لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْإِنْسَانِ الْمُنْفَرِدِ، وَلِهَذَا يُوَرَّثُ الْجَنِينُ إِذَا ضُرِبَ بَطْنُ أُمِّهِ، فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا، فَإِنَّهُ يَحْجُبُ مَوْرُوثَهُ عَنْهُ، كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا، وَكَتَدْبِيرٍ وَكِتَابَةٍ، وَعَنْهُ: لَا يَصِحُّ حَتَّى يُوضَعَ حَيًّا، فَيَكُونُ كَمَنْ عُلِّقَ عِتْقُهُ بِشَرْطٍ، وَإِنْ أَعْتَقَ مَنْ حَمْلُهَا لِغَيْرِهِ، كَالْمُوصَى بِهِ، ضَمِنَ قِيمَتَهُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَا يُعْتَقُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُحَرَّرِ
[الثَّانِي: الْعِتْقُ بِالْمِلْكِ]
(وَأَمَّا الْمِلْكُ) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْقِسْمِ الثَّانِي (فَمَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ) وَلَوْ حَمْلًا (عَتَقَ عَلَيْهِ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، لِمَا رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا، قَالَ: «مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، فَهُوَ حُرٌّ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُمَرَ مَوْقُوفًا مِثْلُهُ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَتَادَةُ لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، لَكِنْ قَالَ: أَحْمَدُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَلِأَنَّهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ، فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ كَعَمُودَيِ النَّسَبِ، وَظَاهِرُهُ: سَوَاءٌ وَافَقَهُ فِي دِينِهِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانُوا مِنَ الْأَوْلَادِ، وَإِنْ سَفَلُوا، أَوْ مِنَ الْآبَاءِ وَإِنْ عَلَوْا مِنْ عَمُودَيْ نَسَبِهِ، كَمَا قُلْنَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ، كَالْأَخِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute