للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَهَلْ لَهُ الصَّدَقَةُ بِغَيْرِهَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ: لَا تُمْلَكُ لُقَطَةُ الْحَرَمِ بِحَالٍ.

فَصْلٌ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي اللُّقَطَةِ حَتَّى يَعْرِفَ وِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا وَقَدْرَهَا وَجِنْسَهَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

لُقْطَةُ الْحَرَمِ بِحَالٍ) بَلْ يَجُوزُ أَخْذُهَا لِلْحِفْظِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ «لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي مَكَّةَ: لَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إِلَّا لِمُنْشِدٍ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمُنْشِدُ: الْمُعَرِّفُ، وَالنَّاشِدُ: الطَّالِبُ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ لَا تَحِلُّ لُقَطَةُ مَكَّةَ إِلَّا لِمَنْ يُعَرِّفُهَا؛ لِأَنَّهَا خُصَّتْ بِهَذَا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْبُلْدَانِ، فَتُعَرَّفُ أَبَدًا، أَوْ يَدْفَعُهَا إِلَى حَاكِمٍ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالْحِلِّ لِحَدِيثِ زَيْدٍ، وَبِأَنَّ عُمُومَ الْأَشْخَاصِ يَتَنَاوَلُ عُمُومَ الْأَحْوَالِ، إِذْ قَوْلُهُ: مَنْ وَجَدَ لُقَطَةً، عَامٌّ فِي كُلِّ وَاجِدٍ، وَعُمُومُ الْوَاجِدِينَ يَسْتَلْزِمُ عُمُومَ أَحْوَالِهِمْ. وَعَنْ أَحْمَدَ أَنَّ اللُّقَطَةَ لَا تُمْلَكُ بِحَالٍ، نَقَلَهَا حَنْبَلٌ، وَالْبَغَوِيُّ، ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ.

[فَصْلُ التَّصَرُّفِ فِي اللُّقَطَةِ]

فَصْلٌ (وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي اللُّقَطَةِ حَتَّى يَعْرِفَ وِعَاءَهَا) وَهُوَ الْعِفَاصُ الَّذِي تَكُونُ فِيهِ مِنْ خِرْقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَقِيلَ: هُوَ صِفَةُ شَدِّهِ وَعَقْدِهِ (وَوِكَاءَهَا) وَهُوَ مَا شُدَّ بِهِ الْوِعَاءُ، وَهُمَا مَمْدُودَانِ (وَقَدْرَهَا) بِالْعَدَدِ، أَوِ الْكَيْلِ، أَوِ الْوَزْنِ، أَوِ الذَّرْعِ (وَجِنْسَهَا وَصِفَتَهَا) لِحَدِيثِ زَيْدٍ وَفِيهِ: " «فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَّفَ عِفَاصَهَا، وَعَدَدَهَا، وَوِكَاءَهَا، فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَفِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: «فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا، وَوِعَائِهَا، وَوِكَائِهَا، فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ» وَلِأَنَّ دَفْعَهَا إِلَى رَبِّهَا يَجِبُ بِمَا ذُكِرَ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ، نَظَرًا إِلَى مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ وَاجِبٌ، وَلِأَنَّهُ إِذَا عَدَمَ ذَلِكَ لَمْ يُبْقَ سَبِيلٌ إِلَى مَعْرِفَتِهَا.

قَالَ الْقَاضِي: يَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَ جِنْسَهَا، وَنَوْعَهَا، وَإِنْ كَانَتْ ثِيَابًا عَرَّفَ لِفَافَتَهَا، وَجِنْسَهَا، وَيُعَرِّفُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا هَلْ هُوَ وَاحِدٌ، أَوْ أَكْثَرُ (وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ عِنْدَ وِجْدَانِهَا) لِأَنَّ فِيهِ تَحْصِيلًا لِلْعِلْمِ بِذَلِكَ (وَالْإِشْهَادُ عَلَيْهَا) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَأْمُرْ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>