وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ مِنَ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، وَلَا مِنَ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ شَرَعَا فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهَا، وَمَنْ رَفَعَهُ فَقَدْ وَهِمَ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَيُحْمَلُ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَلِأَنَّ إِيجَابَ الصَّوْمِ حُكْمٌ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالشَّرْعِ، وَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ نَصٌّ، وَلَا إِجْمَاعٌ، وَقِيَاسُهُمْ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ لُبْثٌ فِي مَكَانٍ مَخْصُوصٍ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ الصَّوْمُ كَالْوُقُوفِ (فَعَلَى هَذَا لَا يَصِحُّ فِي لَيْلَةٍ مُفْرَدَةٍ، وَلَا فِي بَعْضِ يَوْمٍ) لِعَدَمِ وُجُودِ الصَّوْمِ الْمُشْتَرَطِ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَصُومَ الْيَوْمَ الَّذِي اعْتَكَفَ بَعْضَهُ أَمْ لَا، وَقَطَعَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ بِصِحَّتِهِ لِوُجُودِ اللُّبْثِ بِشَرْطِهِ، وَأَطْلَقَ فِي " مُنْتَهَى الْغَايَةِ " وَ " الْفُرُوعِ " الْخِلَافَ، وَالْمَذْهَبُ الْبُطْلَانُ نَظَرًا إِلَى أَنَّ الصَّوْمَ لَمْ يُقْصَدْ لَهُ، وَلَا يَصِحُّ فِي أَيَّامِ النَّهْيِ الَّتِي لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا، وَاعْتِكَافُهَا نَذْرًا أَوْ نَفْلًا كَصَوْمِهَا نَذْرًا أَوْ نَفْلًا فَإِذَا كَانَ الِاعْتِكَافُ مُتَتَابِعًا، فَأَتَى فِي أَثْنَائِهِ يَوْمُ عِيدٍ فَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازِ اعْتِكَافِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ، وَيَجُوزَ خُرُوجُهُ إِلَى الْعِيدِ، وَلَا يَفْسُدَ اعْتِكَافُهُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى إِنْ شَاءَ، وَإِلَى أَهْلِهِ، وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الْعُكُوفِ، ثُمَّ يَعُودُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فِي يَوْمِهِ لِتَمَامِ أَيَّامِهِ قَالَهُ الْمَجْدُ.
تَنْبِيهٌ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَصُومَ لِلِاعْتِكَافِ مَا لَمْ يَنْذُرْ لَهُ الصَّوْمَ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَالْخَبَرِ، وَكَمَا يَصِحُّ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي رَمَضَانَ تَطَوُّعًا أَوْ يَنْذُرَ عَنْهُ بِهِ، وَإِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ صَائِمًا أَوْ بِصَوْمٍ لَزِمَاهُ مَعًا، فَلَوْ فَرَّقَهُمَا أَوِ اعْتَكَفَ، وَصَامَ فَرْضَ رَمَضَانَ، وَنَحْوَهُ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ صِفَةٌ مَقْصُودَةٌ فِيهِ كَالتَّتَابُعِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ لَا الْجَمْعُ فَلَهُ فِعْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا، وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ مُعْتَكِفًا فَالْخِلَافُ كَمَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَمِيعَ الزَّمَانِ، وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً، وَيَقْرَأَ فِيهَا سُورَةً بِعَيْنِهَا لَزِمَهُ الْجَمْعُ، فَلَوْ قَرَأَهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ لَمْ يُجْزِئْهُ ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ ".
[اعْتِكَافُ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا]
(وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ مِنَ الْمَرْأَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا) وِفَاقًا (وَلَا مِنَ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ) لِتَفْوِيتِ مَنَافِعِهَا الْمَمْلُوكَةِ لِغَيْرِهِمَا (فَإِنْ شَرَعَا فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ) وَإِنْ كَانَ فَرْضًا، قَالَهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute