للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

فِي الْوَقْفِ، السُّنَّةُ: أَنْ يَقِفَ الْمَأْمُومُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ. فَإِنْ وَقَفُوا قُدَّامَهُ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ وَقَفُوا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ وُقُوفِ الْمَأْمُومِينَ خَلْفَ الْإِمَامِ]

فَصْلٌ

فِي الْمَوْقِفِ (السُّنَّةُ: أَنْ يَقِفَ الْمَأْمُومُونَ) رِجَالًا كَانُوا أَوْ نِسَاءً (خَلْفَ الْإِمَامِ) لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، «كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَامَ أَصْحَابُهُ خَلْفَهُ» ، وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ جَابِرًا وَجَبَّارًا وَقَفَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأَخَذَ بِأَيْدِيهِمَا حَتَّى أَقَامَهُمَا خَلْفَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَلَا يَنْقُلُهُمَا إِلَّا إِلَى الْأَكْمَلِ، وَعَنْ سَمُرَةَ قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا كُنَّا ثَلَاثَةً أَنْ يَتَقَدَّمَ أَحَدُنَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، وَقَالَ: غَرِيبٌ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَرَى أَنْ يَقِفَ الِاثْنَانِ عَنْ جَانِبَيِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى بَيْنَ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ، وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَفِيهِ هَارُونُ بْنُ عَنْتَرَةَ، وَقَدْ وَثَّقَهُ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْجَوَازِ، وَأَجَابَ ابْنُ سِيرِينَ بِأَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ ضَيِّقًا. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَنَّ إِمَامَ الْعُرَاةِ يَقِفُ وَسَطًا وُجُوبًا، وَالْمَرْأَةُ إِذَا صَلَّتْ بِالنِّسَاءِ، (فَإِنْ وَقَفُوا قُدَّامَهُ لَمْ يَصِحَّ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» ، وَالْمُخَالَفَةُ فِي الْأَفْعَالِ مُبْطِلَةٌ، لِكَوْنِهِ يَحْتَاجُ فِي الِاقْتِدَاءِ إِلَى الِالْتِفَاتِ خَلْفَهُ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْقُولِ، فَلَمْ يَصِحَّ، كَمَا لَوْ صَلَّى فِي بَيْتِهِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ؛ وَهُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ الصَّلَوَاتِ، وَلَوْ بِإِحْرَامٍ فَأَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْقِفًا بِحَالٍ، وَالِاعْتِبَارُ بِمُؤَخَّرِ الْقَدَمِ، وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ كَطُولِ الْمَأْمُومِ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَدَّمُ بِرَأْسِهِ فِي السُّجُودِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>