للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ الرَّابِعُ: خِيَارُ التَّدْلِيسِ: مَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ كَتَصْرِيَةِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ، وَتَحْمِيرِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

بَاطِلًا تَغْلِيبًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي النَّهْيِ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهُ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ، وَصَرَّحَ فِي التَّنْبِيهِ: بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَقِيلَ: إِنَّ نَجَشَ الْبَائِعُ أَوْ وَاطَأَ عَلَى ذَلِكَ بَطَلَ، قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَخَرَّجَهُ صَاحِبُ " التَّلْخِيصِ " مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِي إِبْطَالِ الْبَيْعِ بِتَدْلِيسِ الْعَيْبِ، وَلِأَنَّ الْبَائِعَ أَحَدُ رُكْنَيِ الْعَقْدِ فَارْتِكَابُهُ النَّهْيَ يُفْسِدُ الْبَيْعَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَأَمَا ثَانِيًا فَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ، وَلَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ كَبَيْعِ الْحَاضِرِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّ بَيْعَ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي لَا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَيْسَ عَلَيْهِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ التَّلَقِّي، فَإِنَّ الضَّرَرَ عَلَيْهِمْ فَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُمْ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْإِبْطَالِ.

[الرَّابِعُ: خِيَارُ التَّدْلِيسِ]

فَصْلٌ (الرَّابِعُ: خِيَارُ التَّدْلِيسِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ كِتْمَانُ الْعَيْبِ فِي السِّلْعَةِ عَنِ الْمُشْتَرِي، وَالْمُرَادُ هُنَا (مَا يَزِيدُ بِهِ الثَّمَنُ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبًا (كَتَصْرِيَةِ اللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ) التَّصْرِيَةُ: مَصْدَرُ صَرِيَ يَصْرَى كَعَلِيَ يَعْلَى، وَصَرَى يَصْرِي كَرَمَى يَرْمِي، وَأَصْلُهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: أَنْ يُجْمَعَ اللَّبَنُ فِي الضَّرْعِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ حَتَّى يَعْظُمَ، فَيَظُنُّ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ. وَإِذَنْ هِيَ الْمُصَرَّاةُ، وَالْمَحْفَلَةُ. قَالَ الْبُخَارِيُّ: أَصْلُ التَّصْرِيَةِ حَبْسُ الْمَاءِ يُقَالُ صَرَيْتُ الْمَاءَ، وَاخْتَلَفَ فِي مَعْنَاهَا لُغَةً، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هِيَ أَنْ يَرْبُطَ أَخْلَافَ النَّاقَةِ وَالشَّاةِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَيَزِيدُهُ الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِهَا، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هِيَ النَّاقَةُ أَوِ الْبَقَرَةُ أَوِ

<<  <  ج: ص:  >  >>