للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِّهِمْ مِنْهَا.

وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ النُّقْلَةَ إِلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ آمِنٍ لِيَسْكُنَهُ، فَالْأَبُ أَحَقُّ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَخَالَتُهَا عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْخَالَةُ أُمٌّ وَسَلَّمَهَا إِلَى جَعْفَرٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِنَحْوِهِ.

فَجَعَلَ لَهَا الْحَضَانَةَ، وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ ; لِأَنَّ الْحَاضِنَةَ إِذَا تَزَوَّجَتْ بِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْحَضَانَةِ كَالْجَدَّةِ الْمُزَوَّجَةِ بِالْجَدِّ لَمْ تَسْقُطْ ; لِأَنَّهُ يُشَارِكُهَا فِي الْوَلَادِيَّةِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ الْأُمَّ إِذَا كَانَتْ مُزَوَّجَةً بِالْأَبِ، وَظَاهِرُهُ: لَا يُعْتَبَرُ الدُّخُولُ فِي الْأَصَحِّ ; لِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ مَلَكَ مَنَافِعَهَا وَاسْتَحَقَّ زَوْجُهَا مَنْعَهَا مِنَ الْحَضَانَةِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ بِهَا، وَالثَّانِي: لَا تَسْقُطُ إِلَّا بِالدُّخُولِ ; لِأَنَّهَا بِهِ تَشْتَغِلُ عَنِ الْحَضَانَةِ.

فَرْعٌ: كُلُّ عَصَبَتَيْنِ تَسَاوَيَا وَأَحَدُهُمَا مُتَزَوِّجٌ بِمَنْ هِيَ أَهْلٌ لِلْحَضَانَةِ قُدِّمَ بِذَلِكَ (فَإِنْ زَالَتِ الْمَوَانِعُ مِنْهُمْ) فَأَسْلَمَ الْكَافِرُ وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ وَعَتَقَ الرَّقِيقُ وَعَدَلَ الْفَاسِقُ (رَجَعُوا إِلَى حَقِّهِمْ مِنْهَا) لِأَنَّ سَبَبَهَا قَائِمٌ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ لِمَانِعٍ، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الْحَقُّ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ الْمُلَازِمِ كَالزَّوْجَةِ إِذَا طُلِّقَتْ، وَعَنْهُ: لَا يَعُودُ حَقُّهَا فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ بَعْدَ الْعِدَّةِ. وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " ; لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ قَائِمَةٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ وَظِهَارُهُ، فَلِذَلِكَ لَا تَعُودُ إِلَيْهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَجَوَابُهُ: أَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فَعَادَ حَقُّهَا مِنَ الْحَضَانَةِ كَالْبَائِنِ، وَنَظِيرُهَا: لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ فَمَنْ تَزَوَّجَ مِنَ الْبَنَاتِ، فَلَا حَقَّ لَهَا، قَالَهُ الْقَاضِي، وَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّهَا بِإِسْقَاطِهَا؛ فِيهِ احْتِمَالَانِ.

١ -

فَائِدَةٌ: هَلِ الْحَضَانَةُ حَقٌّ لِلْحَاضِنِ، أَوْ عَلَيْهِ؛ فِيهِ قَوْلَانِ، وَهَلْ لِمَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ أَنْ يُسْقِطَهَا وَيَنْزِلَ عَنْهَا؛ فِيهِ قَوْلَانِ. وَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ خِدْمَةُ الْوَلَدِ أَيَّامَ حَضَانَتِهِ إِلَّا بِأُجْرَةٍ ; إِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ لَهُ، وَإِلَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ خِدْمَتُهُ مَجَّانًا، وَلِلْفَقِيرِ الْأُجْرَةُ؛ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ وَهَبَتِ الْحَضَانَةَ لِلْأَبِ، وَقُلْنَا: الْحَقُّ لَهَا، لَزِمَتِ الْهِبَةُ، وَلَمْ تَرْجِعْ فِيهَا، وَإِنْ قُلْنَا: الْحَقُّ عَلَيْهَا، فَلَهَا الْعَوْدُ إِلَى طَلَبِهَا، ذَكَرَهُ فِي " الْهَدْيِ " وَنَسَبَهُ إِلَى أَنَّهُ كَلَامُ أَصْحَابِ مَالِكٍ

[أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ النُّقْلَةَ إِلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ آمِنٍ لِيَسْكُنَهُ]

(وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ النُّقْلَةَ إِلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ آمِنٍ لِيَسْكُنَهُ، فَالْأَبُ أَحَقُّ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُقِيمُ هُوَ الْأَبَ، أَوِ الْمُنْتَقِلُ ; لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ فِي مَسْكَنِهِمَا، فَكَانَ الْأَبُ أَحَقَّ كَمَا لَوِ انْتَقَلْتَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى قَرْيَةٍ (وَعَنْهُ: الْأُمُّ أَحَقُّ) وَقَيَّدَهَا فِي " التَّرْغِيبِ "، وَ " الْمُسْتَوْعِبِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>