للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْفَيْءِ وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ الْمُشْرِكِينَ بِغَيْرِ قِتَالٍ كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ، وَمَا تَرَكُوهُ فَزَعًا، وَخُمُسِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ، وَمَالُ مَنْ مَاتَ لَا وَارِثَ لَهُ، فَيُصْرَفُ فِي

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْحَقِّ فَحَرُمَ عَلَى الْآخِذِ وَالْمُعْطِي، كَرِشْوَةِ الْحَاكِمِ.

[إِسْقَاطُ الْخَرَاجِ]

(وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي إِسْقَاطِ الْخَرَاجِ عَنْ إِنْسَانٍ، جَازَ) لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ بِالْمَصْلَحَةِ أَشْبَهَ الْمَنَّ عَلَى الْعَدُوِّ. وَفِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " لِلْإِمَامِ وَضْعُهُ عَمَّنْ لَهُ دَفْعُهُ إِلَيْهِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا يَدَعُ خَرَاجًا، وَلَوْ تَرَكَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ هَذَا، فَأَمَّا مَنْ دُونَهُ، فَلَا.

فَرْعٌ: مَصْرِفُ الْخَرَاجِ كَفَيْءٍ، وَمَا تَرَكَهُ مِنَ الْعُشْرِ، أَوْ تَرَكَهُ الْخَارِصُ تُصُدِّقَ بِقَدْرِهِ.

[بَابُ الْفَيْءِ]

ِ. أَصْلُهُ مِنَ الرُّجُوعِ يُقَالُ: فَاءَ الظِّلُّ: إِذَا رَجَعَ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَسُمِّيَ الْمَالُ الْحَاصِلُ عَلَى مَا يَذْكُرُهُ فَيْئًا؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَيْهِمْ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر: ٦] الْآيَتَيْنِ. (وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ الْمُشْرِكِينَ بِغَيْرِ قِتَالٍ) يَحْتَرِزُ بِهِ عَنِ الْغَنِيمَةِ (كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَالْعُشْرِ، وَمَا تَرَكُوهُ فَزَعًا) مِنَ الْمُسْلِمِينَ. (وَخُمُسُ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ، وَمَالُ مَنْ مَاتَ لَا وَارِثَ لَهُ) مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْمُرْتَدُّ إِذَا هَلَكَ (فَيُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ) أَيْ: مَصَالِحَ الْمُسْلِمِينَ لِلْآيَتَيْنِ، وَلِهَذَا لَمَّا قَرَأَ عُمَرُ {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: ٨] الْآيَةَ قَالَ: هَذِهِ اسْتَوْعَبَتِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَالَ أَيْضًا: مَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ نَصِيبٌ إِلَّا الْعَبِيدَ. وَذَكَرَ أَحْمَدُ الْفَيْءَ فَقَالَ: فِيهِ حَقٌّ لِكُلِّ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ، وَلِأَنَّ الْمَصَالِحَ نَفْعُهَا عَامٌّ، وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إِلَى فِعْلِهَا تَحْصِيلًا لَهَا، وَاخْتَارَ أَبُو حَكِيمٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا حَقَّ فِيهِ لِرَافِضَةٍ. وَذَكَرَهُ فِي " الْهَدْيِ " عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِالْمُقَاتِلَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَيَاتِهِ لِحُصُولِ النُّصْرَةِ؛ فَلَمَّا مَاتَ صَارَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>