للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: إِذَا طَلَّقَ فَلَمْ يَدْرِ أَوَاحِدَةً طَلَّقَ أَوْ ثَلَاثًا، لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَتَيَقَّنَ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ: لَا يَأْكُلُ تَمْرَةً، فَوَقَعَتْ فِي تَمْرٍ، فَأَكَلَ مِنْهُ وَاحِدَةً - مُنِعَ مِنْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتِ الَّتِي وَقَعَتِ الْيَمِينُ عَلَيْهَا، وَلَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

حُكْمُهُ مَعَ شَرْطٍ عَدَمِيٍّ، نَحْوَ: لَقَدْ فَعَلْتُ كَذَا، أَوْ إِنْ لَمْ أَفْعَلْهُ الْيَوْمَ، فَمَضَى، وَشَكَّ فِي فِعْلِهِ - لَزِمَهُ الطَّلَاقُ، قَالَ فِي " الْمُحَرَّرِ ": وَتَمَامُ الْوَرَعِ فِي الشَّكِّ: قَطْعُهُ بِرَجْعَةٍ أَوْ عَقْدٍ إِنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا فَتَفْرِقَةٌ مُتَيَقَّنَةٌ بِأَنْ يَقُولَ: إِنْ لَمْ تَكُنْ طُلِّقَتْ فَهِيَ طَالِقٌ.

[إِنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الطلاق]

(وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِهِ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْيَقِينِ طَلَاقٌ مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَلَمْ يَقَعْ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ، فَلَوْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً - فَهِيَ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّهَا الْيَقِينُ، وَأَحْكَامُهُ أَحْكَامُ الْمُطَلِّقِ دُونَ الثَّلَاثِ مِنْ إِبَاحَةِ الرَّجْعَةِ وَحِلِّ الْوَطْءِ، وَإِذَا رَاجَعَ عَادَتْ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ بِعَدَدِ مَا طَلَّقَ فُلَانٌ زَوْجَتَهُ، وَجَهِلَ عَدَدَهُ، فَطَلْقَةً (وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: إِذَا طَلَّقَ فَلَمْ يَدْرِ أَوَاحِدَةً طَلَّقَ أَمْ ثَلَاثًا، لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَتَيَقَّنَ) هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، أَنَّهُ يَحْرُمُ عليه وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ لِلتَّحْرِيمِ، شَاكٌّ فِي التَّحْلِيلِ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا اسْتِنَادًا لِبَقَاءِ النِّكَاحِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ، وَلَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ النَّجَاسَةِ مِنْهُ، لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَ مَا تَيَقَّنَ بِهِ طَهَارَتَهُ، فَكَذَا هُنَا، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا تَيَقُّنُ الْأَصْلِ، وَالشَّكُّ فِيمَا بَعْدَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَصْحَابِ: أَنَّهُ إِذَا رَاجَعَهَا حَلَّتْ لَهُ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ مُزِيلَةٌ لِحُكْمِ الْمُتَيَقِّنِ مِنَ الطَّلَاقِ، فَإِنَّ التَّحْرِيمَ أَنْوَاعٌ: تَحْرِيمٌ تُزِيلُهُ الرَّجْعَةُ، وَتَحْرِيمٌ يُزِيلُهُ نِكَاحٌ جَدِيدٌ، وَتَحْرِيمٌ يُزِيلُهُ نِكَاحٌ بَعْدَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ، وَمَنْ تَيَقَّنَ الْأَدْنَى لَا يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الْأَعْلَى، كَمَنْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ لَا يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ الْأَكبَرِ، وَيُخَالِفُ الثَّوْبَ، فَإِنَّ غَسْلَ بَعْضِهِ لَا يَرْفَعُ مَا تَيَقَّنَهُ مِنَ النَّجَاسَةِ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ مَنَعَ حُصُولَ التَّحْرِيمِ بِالطَّلَاقِ؛ لِكَوْنِ الرَّجْعَةِ مُبَاحَةً، فَلَمْ يَكُنِ التَّحْرِيمُ مُتَيَقَّنًا (وَكَذَلِكَ قَالَ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ تَمْرَةً، فَوَقَعَتْ فِي تَمْرٍ، فَأَكَلَ مِنْهُ وَاحِدَةً - مُنِعَ مِنْ وَطْءِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ أَنَّهَا لَيْسَتِ الَّتِي وَقَعَتِ الْيَمِينُ عَلَيْهَا، وَلَا يَتَحَقَّقُ حِنْثُهُ حَتَّى يَأْكُلَ التَّمْرَ كُلَّهُ) إِذَا تَيَقَّنَ أَكْلَ التَّمْرَةِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهَا، فَلَا إِشْكَالَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>