بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوِ اسْتَعَطَ أَوِ احْتَقَنَ، أَوْ دَاوَى الْجَائِفَةَ بِمَا يَصِلُ إِلَى جَوْفِهِ، أَوِ اكْتَحَلَ بِمَا يَصِلُ إِلَى حَلْقِهِ، أَوْ دَاوَى الْمَأْمُومَةَ، أَوْ قَطَّرَ فِي أُذُنِهِ مَا يَصِلُ إِلَى دِمَاغِهِ، أَوْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ]
بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ. الْمُفْسِدُ لِلصَّوْمِ: كُلُّ مَا يُنَافِيهِ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَنَحْوِهِمَا، (وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ) فَقَدْ أَفْطَرَ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة: ١٨٧] الْآيَةَ، فَأَبَاحَهُمَا إِلَى غَايَةٍ، وَهِيَ تَبَيُّنُ الْفَجْرِ ثُمَّ أَمَرَ بِالْإِمْسَاكِ عَنْهُمَا إِلَى اللَّيْلِ، لِأَنَّ حُكْمَ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا، وَقَوْلُ الله تعالى على لسان النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ إِنَّهُ تَرَكَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُغَذٍّ وَغَيْرِهِ، وَلَا بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ (أَوِ اسْتَعَطَ) فِي أَنْفِهِ بِدُهْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَوَصَلَ إِلَى حَلْقِهِ أَوْ دِمَاغِهِ قَالَ فِي " الْكَافِي ": أَوْ خَيَاشِيمِهِ لِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الصَّائِمَ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ (أَوِ احْتَقَنَ) فِي دُبُرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إِلَى الْجَوْفِ، وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَادِ كَالْمُعْتَادِ فِي الْوَاصِلِ، وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ وَأَوْلَى مِنَ الِاسْتِعَاطِ (أَوْ دَاوَى الْجَائِفَةَ بِمَا يَصِلُ إِلَى جَوْفِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَلَ إِلَى جَوْفِهِ شَيْئًا بِاخْتِيَارِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَكَلَ (أَوِ اكْتَحَلَ) بِكُحْلٍ أَوْ صَبْرٍ أَوْ ذَرُورٍ أَوْ إِثْمِدٍ مُطَيَّبٍ (بِمَا يَصِلُ إِلَى حَلْقِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوِّحِ عِنْدَ النَّوْمِ، وَقَالَ: لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالْبُخَارِيُّ فِي " تَارِيخِهِ " مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ هَوْذَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يُفْطِرُ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَنْفَذًا فَلَمْ يُفْطِرْ بِهِ كَمَا لَوْ دَهَنَ رَأْسَهُ، وَأُجِيبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute