للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَلْزَمُهُ رَدُّهُ؛ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَإِنْ دَبَغَهُ وَقُلْنَا بِطَهَارَتِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ، وَإِنِ اسْتَوْلَى عَلَى حُرٍّ، لَمْ يَضْمَنْهُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا فَفِيهِ وَجْهَانِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَضْمَنُهُ، فَهَلْ يَضْمَنُ ثِيَابَهُ وَحُلِيَّهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنِ اسْتَعْمَلَ الْحُرَّ كَرْهًا فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَوْ ذِمِّيًّا، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ كَالْمُرْتَدِّ، وَلِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوَّمَةٍ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا، وَقِيلَ: يُغَرَّمُ قِيمَتَهَا الذِّمِّيُّ دُونَ الْمُسْلِمِ، فَعَلَيْهِ لَا يَكُونُ حُكْمُ بَقِيَّةِ الْكُفَّارِ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ مَالِيَّتَهَا، وَفِي " الِانْتِصَارِ " لَا يَرُدُّهَا، وَأَنَّهُ يَلْزَمُ إِرَاقَتُهَا إِنْ حُدَّ، وَإِلَّا لَزِمَ تَرْكُهُ، وَعَلَيْهَا يَخْرُجُ تَعْزِيرُ مُرِيقِهِ، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُمْ يُقَرُّونَ عَلَى شُرْبِهِ وَاقْتِنَائِهِ؛ لِأَنَّ فِي رِوَايَةٍ يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهِمْ بِالشُّرْبِ، وَلَا يُقَرُّونَ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَإِنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ، وَأَمَّا أَنْ نُقِرَّهُمْ فَلَا نُسَلِّمُ، يَبْطُلُ بِالْمَجُوسِ يُقَرُّونَ عَلَى نِكَاحِ الْمَحَارِمِ، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِمَهْرٍ، وَنَفَقَةٍ، وَمِيرَاثٍ. وَقَالَهُ هُوَ وَ " التَّرْغِيبُ ": يَرُدُّ الْخَمْرَ الْمُحْتَرَمَةَ، وَيَرُدُّ مَا تَخَلَّلَ بِيَدِهِ لَا مَا أُرِيقَ، فَجَمَعَهُ آخَرُ لِزَوَالِ يَدِهِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّ لَنَا خَمْرًا مُحْتَرَمَةً وَهِيَ الَّتِي عُصِرَتْ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ، أَوْ بِقَصْدِ الْخَلِّيَّةِ، فَهِيَ عَلَى الْأَوَّلِ مُحْتَرَمَةٌ دُونَ الثَّانِي، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَ الْخَلِّ جَائِزٌ إِجْمَاعًا، وَلَا يَصِيرُ خَلًّا إِلَّا بَعْدَ التَّخَمُّرِ، فَلَوْ أَرَقْنَاهَا لِتَعَذُّرِ اتِّخَاذِ الْخَلِّ.

فَرْعٌ: تَجِبُ إِرَاقَةُ خَمْرِ الْمُسْلِمِ وَلَا غُرْمَ، وَإِنْ تَخَلَّلَتْ رَدَّهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ خَلًّا عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ، فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَهَا.

[غَصْبُ جِلْدِ مَيْتَةٍ]

(وَإِنْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي طَهَارَتِهِ بِالدِّبَاغِ، وَالْأَشْهَرُ لَا يَرُدُّهُ مُطْلَقًا، فَعَلَيْهِ لَوْ أَتْلَفَهُ، أَوْ أَتْلَفَ مَيْتَةً بِجِلْدِهَا لَمْ يَضَمَّنْ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ (فَإِنْ دَبَغَهُ) أَيْ غَاصِبُهُ (وَقُلْنَا بِطَهَارَتِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ) كَالْخَمْرِ إِذَا تَخَلَّلَ، وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَالًا بِفِعْلِهِ بِخِلَافِ الْخَمْرِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا قُلْنَا: لَا يَطْهُرُ لَمْ يَجِبْ رَدُّهُ لِكَوْنِهِ لَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ إِذَا قِيلَ: يُنْتَفَعُ بِهِ فِي يَابِسٍ (وَإِنِ اسْتَوْلَى عَلَى حُرٍّ) كَبِيرٍ (لَمْ يَضْمَنْهُ بِذَلِكَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْغَصْبُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ، وَقِيلَ: بَلَى (إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا فَفِيهِ وَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا ضَمَانَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَالْكَبِيرِ، وَالثَّانِي بَلَى؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>