لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ» .
فصل فِي الْمُنَاضَلَةِ
وَيُشْتَرَطُ لَهَا شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ، أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ عَلَى مَنْ يُحْسِنُ الرَّمْيَ، فَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَرَدَّهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَالْجَلَبُ بِفَتْحِ اللَّامِ هُوَ الزَّجْرُ لِلْفَرَسِ، وَالصِّيَاحُ عَلَيْهِ حَثًّا لَهُ عَلَى الْجَرْيِ.
[فَصْلٌ فِي الْمُنَاضَلَةِ]
[شُرُوطُ صِحَّةِ الْمُنَاضَلَةِ]
[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى مَنْ يُحْسِنُ الرَّمْيَ]
فَصْلٌ
فِي الْمُنَاضَلَةِ
هِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ النَّضْلِ، يُقَالُ: نَاضَلْتُهُ نِضَالًا وَمُنَاضَلَةً كَجَادَلْتُهُ جِدَالًا وَمُجَادَلَةً، وَسُمِّيَ الرَّمْيُ نِضَالًا ; لِأَنَّ السَّهْمَ التَّامَّ يُسَمَّى نَضْلًا، فَالرَّمْيُ بِهِ عَمَلٌ بِالنَّضْلِ، وَهِيَ الْمُسَابَقَةُ بِالرَّمْيِ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ بِالْكِتَابِ {قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} [يوسف: ١٧] ، وَقُرِئَ (نَنْتَضِلُ) وَالسُّنَّةُ شَهِيرَةٌ بِذَلِكَ.
مَسْأَلَةٌ: إِذَا قَالَ: ارْمِ هَذَا السَّهْمَ فَإِنْ أَصَبْتَ بِهِ فَلَكَ دِرْهَمٌ صَحَّ وَكَانَ جُعَالَةً، فَإِنْ قَالَ: إِنْ أَصَبْتَ بِهِ فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ أَخْطَأْتَ فَعَلَيْكَ دِرْهَمٌ لَمْ يَصِحَّ ; لِأَنَّهُ قِمَارٌ، فَإِنْ قَالَ: ارْمِ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ، فَإِنْ كَانَ صَوَابُكَ أَكْثَرَ مِنْ خَطَئِكَ فَلَكَ دِرْهَمٌ صَحَّ كَمَا لَوْ قَالَ: إِنْ كَانَ صَوَابُكَ أَكْثَرَ فَلَكَ بِكُلِّ سَهْمٍ أَصَبْتَ بِهِ دِرْهَمٌ.
(وَيُشْتَرَطُ لَهَا شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ، أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ عَلَى مَنْ يُحْسِنُ الرَّمْيَ) لِأَنَّ الْغَرَضَ مَعْرِفَةُ الْحِذْقِ، وَمَنْ لَا يُحْسِنُهُ لَا حِذْقَ لَهُ، فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ مَنْ لَا يُحْسِنُهُ بَطَلَ الْعَقْدُ فِيهِ) أَيْ إِذَا كَانَ كُلُّ حِزْبٍ جَمَاعَةً ; لِأَنَّ الْمُفْسِدَ مَوْجُودٌ مِمَّنْ لَا يُحْسِنُ دُونَ غَيْرِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِهِ، وَهَلْ يَبْطُلُ فِي حَقِّ مَنْ يُحْسِنُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " (وَأَخْرَجَ مِنَ الْحِزْبِ الْآخَرِ مِثْلَهُ) كَالْبَيْعِ إِذَا بَطَلَ فِي الْبَعْضِ بَطَلَ فِيمَا يُقَابِلُهُ مِنَ الثَّمَنِ (وَلَهُمْ) أَيْ لِكُلِّ حِزْبٍ (الْفَسْخُ إِنْ أَحَبُّوا) لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ فِي حَقِّهِمْ، فَإِنْ كَانَ يُحْسِنُهُ لَكِنَّهُ قَلِيلُ الْإِصَابَةِ، فَقَالَ حِزْبُهُ: ظَنَنَّاهُ كَثِيرَ الْإِصَابَةِ، أَوْ لَمْ نَعْلَمْ حَالَهُ، لَمْ يُسْمَعْ ; لِأَنَّ شَرْطَ دُخُولِهِ فِي الْعَقْدِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ دُونَ الْحِذْقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute