فَصْلٌ
وَيَعْدِلُ الْقَاسِمُ السِّهَامَ بِالْأَجْزَاءِ إِنْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً، وَبِالْقِيمَةِ إِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً، وَبِالرَّدِّ إِنْ كَانَتْ تَقْتَضِيهِ، ثُمَّ يُقْرِعُ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمٌ صَارَ لَهُ، وَكَيْفَمَا أَقْرَعَ جَازَ إِلَّا أَنْ الأحوط أن يَكْتُبَ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ فِي رُقْعَةٍ، ثُمَّ يُدْرِجَهَا فِي بَنَادِقِ شَمْعٍ أَوْ طِينٍ مُتَسَاوِيَةِ الْقَدْرِ وَالْوَزْنِ، وَتُطْرَحُ فِي حِجْرِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ، وَيُقَالُ لَهُ: أَخْرِجْ بُنْدُقَةً عَلَى هَذَا السَّهْمِ، فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ كَانَ لَهُ، ثُمَّ الثَّانِي كَذَلِكَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[يَعْدِلُ الْقَاسِمُ السِّهَامَ]
(وَيَعْدِلُ الْقَاسِمُ السِّهَامَ) لِأَنَّ ضِدَّ ذَلِكَ جَوْرٌ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ إِجْمَاعًا (بِالْأَجْزَاءِ إِنْ كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً) كَأَرْضٍ قِيمَةَ جَمِيعِ أَجْزَائِهَا مُتَسَاوِيَةً، فَهَذِهِ تَعْدِلُ سِهَامَهَا بِالْأَجْزَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنَ التَّسَاوِي بِالْأَجْزَاءِ التَّسَاوِي بِالْقِيمَةِ (وَبِالْقِيمَةِ إِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً) كَأَرْضِ أَحَدِ جَوَانِبِهَا يُسَاوِي مِثْلَيِ الْآخَرِ، فَهَذِهِ يَعْدِلُ فِيهَا بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَذَّرَ التَّعْدِيلُ بِالْأَجْزَاءِ، لَمْ يَبْقَ إِلَّا التَّعْدِيلُ بِالْقِيمَةِ ضَرُورَةً، لِأَنَّ قِسْمَةَ الْإِجْبَارِ لَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِهِمَا ـ وَهَذَا مَعَ اتِّفَاقِ السِّهَامِ وَاخْتِلَافِهَا ـ (وَبِالرَّدِّ إِنْ كَانَتْ تَقْتَضِيهِ) كَأَرْضٍ قِيمَتُهَا مِائَةٌ، فِيهَا شَجَرٌ أَوْ بِئْرٌ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ، فَإِذَا جُعِلَتِ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا كَانَتِ الثُّلُثَ، وَدَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَى أَنْ تُجْعَلَ مَعَ الْأَرْضِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا، يَرُدُّهَا مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الشَّجَرُ أَوِ الْبِئْرُ عَلَى مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْأَرْضُ؛ لِيَكُونَا نِصْفَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ (ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ) لِإِزَالَةِ الْإِبْهَامِ الْحَاصِلِ، قِيَاسًا لِبَعْضِ مَوَارِدِ الشَّرْعِ عَلَى بَعْضٍ (فَمَنْ خَرَجَ لَهُ سَهْمٌ صَارَ لَهُ) لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْقُرْعَةِ (وَكَيْفَمَا أَقْرَعَ جَازَ) لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّمْيِيزُ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ، فَعَلَى هَذَا: يَجُوزُ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ بِخَوَاتِمَ وَحَصًى وَغَيْرِ ذَلِكَ (إِلَّا) أَنَّ الْأَحْوَطَ (أَنْ يَكْتُبَ اسْمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ فِي رُقْعَةٍ) لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَى التَّمْيِيزِ (ثُمَّ يُدْرِجَهَا فِي بَنَادِقِ شَمْعٍ أَوْ طِينٍ مُتَسَاوِيَةِ الْقَدْرِ وَالْوَزْنِ) لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ (وَتُطْرَحُ فِي حِجْرِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ أَنْفَى لِلتُّهْمَةِ (وَيُقَالُ لَهُ: أَخْرِجْ بُنْدُقَةً عَلَى هَذَا السَّهْمِ) لِيَعْلَمَ مَنْ لَهُ ذَلِكَ (فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ كَانَ لَهُ) لِأَنَّ اسْمَهُ خَرَجَ عَلَيْهِ، وَيُمَيِّزُ سَهْمَهُ بِهِ (ثُمَّ الثَّانِي كَذَلِكَ) أَيْ: كَالْأَوَّلِ مِنَ الْقَوْلِ، لِأَنَّهُ كَالْأَوَّلِ مَعْنًى، يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمًا (وَالسَّهْمُ الْبَاقِي لِلثَّالِثِ، إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً وَسِهَامُهُمْ مُتَسَاوِيَةٌ) لِأَنَّ السَّهْمَ الثَّالِثَ يُعَيَّنُ لَهُ لِزَوَالِ الْإِبْهَامِ، وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّ الْبَنَادِقَ تُجْعَلُ طِينًا وَتُطْرَحُ فِي مَاءٍ، فَأَيُّ الْبَنَادِقِ أَنْحَلَ عَنْهَا الطِّينُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute