للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْتَهُ، وَلَمْ يَجِدْ مَا يُذَكِّيهِ بِهِ، أَرْسَلَ الصَّائِدَ لَهُ عَلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَحِلَّ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَحِلُّ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: لَا يَحِلُّ إِلَّا أَنْ يُذَكِّيَهُ.

وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ، ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْفُرُوعِ، لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ سَائِرَ مَا قُدِرَ عَلَى ذَكَاتِهِ، وَلِأَنَّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْحَيِّ، بِدَلِيلِ قِصَّةِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَعَنْهُ: يَحِلُّ بِمَوْتِهِ قَرِيبًا، وَعَنْهُ: دُونَ مُعْظَمِ يَوْمٍ، وَفِي التَّبْصِرَةِ: دُونَ نِصْفِهِ، (فَإِنْ خَشِيَ مَوْتَهُ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُذَكِّيهِ بِهِ أَرْسَلَ الصَّائِدَ لَهُ عَلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ) قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ السَّامِرِيُّ، لِأَنَّهُ صَيْدٌ قَتَلَهُ الْجَارِحُ لَهُ مِنْ غَيْرِ إِمْكَانِ ذَكَاتِهِ فَأُبِيحَ، كَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ مَيِّتًا، وَعِبَارَةُ الْخِرَقِيُّ: أَشْلَى الصَّائِدَ، وَفِي الْمُغْنِي: مَعْنَى أَشْلَى فِي الْعَرَبِيَّةِ: دَعَاهُ، إِلَّا أَنَّ الْعَامَّةَ تَسْتَعْمِلُهُ بِمَعْنَى: أَغْرَاهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْخِرَقِيَّ أَرَادَ دَعَاهُ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَخْشَ مَوْتَهُ أَوْ وَجَدَ مَعَهُ مَا يُذَكِّيهِ بِهَا لَمْ يَحِلَّ إِلَّا بِهَا، لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَى ذَكَاتِهِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الذَّهَابُ بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ فَيُذَكِّيَهِ، (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ، لَمْ يَحِلَّ) جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، لِأَنَّ الْإِرْسَالَ ذَكَاةٌ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى ذَكَاتِهِ فَلَمْ يُذَكِّهِ حَتَّى مَاتَ لَمْ يَحِلَّ فَكَذَا هُنَا، (وَقَالَ الْقَاضِي) وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا: (يَحِلُّ) بِالْإِرْسَالِ، قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، لِأَنَّ إِدْرَاكَ الصَّيْدِ بِلَا آلَةٍ تَذْكِيَةٌ كَلَا إِدْرَاكٍ، وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْهُ حَيًّا لَحَلَّ، فَكَذَا إِذَا أَدْرَكَهُ بِلَا آلَةٍ، (وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: لَا يَحِلُّ إِلَّا أَنْ يُذَكِّيَهُ) وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِهِمْ، لِأَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَلَمْ يُبَحْ بِقَتْلِ الْجَارِحِ كَالْأَنْعَامِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ لَا يُبَاحُ بِغَيْرِ التَّذْكِيَةِ، إِذَا كَانَتْ مَعَهُ فَلَمْ يُبَحْ بِغَيْرِهَا، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ آلَةٌ كَسَائِرٍ الْمَقْدُورِ عَلَى تَذْكِيَتِهِ، وَمَسْأَلَةُ الْخِرَقِيِّ عَلَى مَا يَخَافُ مَوْتَهُ إِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ الْحَيَوَانُ أَوْ يُذَكّى، فَإِنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ يُمْكِنُ بَقَاؤُهُ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ، لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ إِلَّا بِالذَّكَاةِ.

فَرْعٌ: إِذَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ مِنَ الذَّبْحِ، فَجَعَلَ يَعْدُو مِنْهُ يَوْمَهُ حَتَّى مَاتَ تَعَبًا وَنَصَبًا حَلَّ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ خِلَافَهُ، لِأَنَّ الْإِتْعَابَ يُعِينُهُ عَلَى الْمَوْتِ، فَصَارَ كَالْمَاءِ

[رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ]

(وَإِنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْبَتَهُ) أَيْ: مَنَعَهُ مِنَ الِامْتِنَاعِ، وَحَبَسَهُ عَنْهُ مَلَكَهُ، (ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ، لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>