للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَاكِمِ. وَعَنْهُ: لَا يُنْقَضُ إِذَا كَانَا فَاسِقَيْنِ.

وَإِنْ شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحَقٍّ، ثُمَّ مَاتُوا حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ إِذَا ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمْ.

وَإِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِشَاهِدِ الزُّورِ وعَزَّرَهُ وَطَافَ بِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ قَدِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ فَيَنْصَبُّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ حُكِمَ لَهُ بِمَالٍ فَقَبَضَهُ، ثُمَّ بَانَ فِسْقُ الشُّهُودِ. قُلْنَا: ثُمَّ حَصَلَ فِي يَدِ الْمُسْتَوْفِي مَالُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَوَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ وَضَمَانُهُ إِنْ تَلِفَ، وَهُنَا لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا أَتْلَفَ شَيْئًا بِخَطَأِ الْإِمَامِ وَتَسْلِيطِهِ عَلَيْهِ فَافْتَرَقَا. (وَعَنْهُ: لَا يُنْقَضُ إِذَا كَانَا فَاسِقَيْنِ) لِأَنَّ شَرْطَ الْحُكْمِ أَنْ لَا يَظْهَرَ لِلْقَاضِي فِسْقُ الشُّهُودِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ، وَالْكُفْرُ لَا يَخْفَى غَالِبًا.

وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ; لِأَنَّهُمَا لَمْ يَعْتَرِفَا بِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِمَا، لَكِنْ تَبَيَّنَ فَقْدُ شَرْطِ الْحُكْمِ فَوَجَبَ أَنْ يَقْضِيَ بِنَقْضِهِ. كَمَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ حُكْمٌ بِالْقِيَاسِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ.

وَإِنْ ظَهَرُوا عَبِيدًا أَوْ وَلَدًا أَوْ وَالِدًا أَوْ عَدُوًّا، فَإِنْ كَانَ الَّذِي حَكَمَ يَرَى الْحُكْمَ بِهِ، لَمْ يُنْقَضْ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ نَصًّا وَلَا إِجْمَاعًا، وَإِلَّا نُقِضَ.

فَرْعٌ: إِذَا جَلَدَ الْإِمَامَ إِنْسَانًا بِبَيِّنَةٍ قَامَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ بَانَ فِسْقُهُمْ أَوْ كُفْرُهُمْ أَوْ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ، ضَمِنَ الْإِمَامُ مَا حَصَلَ بِسَبَبِ الضَّرْبِ، كَمَا لَوْ قَطَعَ أَوْ قَتَلَ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ مَالِكٌ: يَضْمَنُ فِي الْكُفْرِ وَالرِّقِّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

[شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحَقٍّ ثُمَّ مَاتُوا]

(وَإِنْ شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحَقّه، ثُمَّ مَاتُوا حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمْ) لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الشَّهَادَةِ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى الْكَذِبِ فِيهَا، وَلَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا حَالَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ، بِخِلَافِ الْفِسْقِ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ ذَلِكَ. وَكَذَا إِنْ جُنُّوا. (إِذَا ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمْ) لِحُصُولِ الثِّقَةِ لِلْحَاكِمِ بِقَوْلِ الشَّاهِدِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ مَعَ الْمَوْتِ كَالْحَيَاةِ.

[إِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِشَاهِدِ الزُّورِ]

(وَإِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِشَاهِدِ الزُّورِ) بِإِقْرَارِهِ أَوْ عَلِمَ كَذِبَهُ وَتَعَمُّدَهُ. وَفِي الْكَافِي: يَثْبُتُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يُقِرَّ بِذَلِكَ، أَوْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِهِ، أَوْ يَشْهَدَ بِمَا يَقْطَعُ بِكَذِبِهِ. (وعَزَّرَهُ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ عُمَرَ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ ; وَلِأَنَّهُ قَوْلٌ مُحَرَّمٌ يَضُرُّ بِهِ النَّاسَ، أَشْبَهَ النَّسَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>