يَتْرُكَ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ مُخْتَارًا ذَاكِرًا، وَإِنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: عَلَى النَّاسِي كَفَّارَةٌ، وَإِنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ، فَعَلَ أَوْ تَرَكَ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
سَوَاءٌ قُلْنَا هِيَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، أَمْ لَا، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ فِيهَا الْكَفَّارَةَ، إِنْ قُلْنَا: لَيْسَ هُوَ مِنْ لَغْوِ الْيَمِينِ.
[الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْحِنْثُ فِي يَمِينِهِ]
(الثَّالِثُ: الْحِنْثُ فِي يَمِينِهِ) لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَحْنَثْ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَهْتِكْ حُرْمَةَ الْقَسَمِ، (بِأَنْ يَفْعَلَ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ، أَوْ يَتْرُكَ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ) لِأَنَّ الْحِنْثَ الْإِثْمُ، وَلَا وُجُودَ لَهُ إِلَّا بِمَا ذُكِرَ (مُخْتَارًا ذَاكِرًا) لِأَنَّ غَيْرَهُمَا الْمُكْرَهُ وَالنَّاسِي، وَنَبَّهَ عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ فَعَلَهُ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ، وَنَصَرَ فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينٍ مُكَفَّرَةٍ، وَيَحْنَثُ فِي عِتْقٍ وَطَلَاقٍ، قَالَ السَّامِرِيُّ: اخْتَارَهُ أَكْثَرُ شُيُوخِنَا، وَلِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ لَا يُنْسَبُ إِلَيْهِ، فَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، كَمَا لَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْإِكْرَاهُ كَالنِّسْيَانِ، لِشُمُولِ الْحَدِيثِ لَهُمَا، وَذَكَرَ فِي الشَّرْحِ: الْمُكْرَهُ عَلَى الْفِعْلِ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَلْجَأَ إِلَيْهِ، فَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ.
الثَّانِي: أَنْ يُكْرَهَ بِالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: يَحْنَثُ، كَكَفَّارَةِ الصَّيْدِ، وَنَصَرَ فِي الشَّرْحِ عَدَمَهُ، وَلَا نُسَلِّمُ الْكَفَّارَةَ فِي الصَّيْدِ، بَلْ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ، (وَعَنْهُ: عَلَى النَّاسِي كَفَّارَةٌ) لِأَنَّ الْفِعْلَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ، أَشْبَهَ الذَّاكِرَ، وَالْفَرْقُ وَاضِحٌ، (وَإِنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ) وَيُسَمَّى هَذَا اسْتِثْنَاءٌ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا عَنْهُ، فَقَالَ: هَذَا خَطَأٌ أَخْطَأَ فِيهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَلَفْظُهُ: قَدِ اسْتَثْنَى، وَابْنُ مَاجَهْ، وَلَفْظُهُ: فَلَهُ ثُنْيَاهُ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا، قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَقَالَ: رواه غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَفَعَهُ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute