بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كِتَابُ الْعِتْقِ وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرَبِ، وَالْمُسْتَحَبُّ عِتْقُ مَنْ لَهُ كَسْبٌ، فَأَمَّا مَنْ لَا قُوَّةٌ لَهُ وَلَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[كِتَابُ الْعِتْقِ] [تَعْرِيفُ العتق وَفَضْلُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ فِيهِ]
ِ وَهُوَ لُغَةً: الْخُلُوصُ، وَمِنْهُ عِتَاقُ الْخَيْلِ وَالطَّيْرِ، أَيْ: خَالِصُهَا، وَسُمِّيَ بِهِ الْبَيْتُ الْحَرَامُ ; لِخُلُوصِهِ مِنْ أَيْدِي الْجَبَابِرَةِ، وَفِي الشَّرْعِ: تَحْرِيرُ الرَّقَبَةِ وَتَخْلِيصُهَا مِنَ الرِّقِّ، وَخُصَّتْ بِهِ الرَّقَبَةُ، وَإِنْ تَنَاوَلَ الْعِتْقُ الْجَمِيعَ ; لِأَنَّ مِلْكَ السَّيِّدِ لَهُ كَالْغُلِّ الْمَانِعِ لَهُ مِنَ الْخُرُوجِ، فَإِذَا أُعْتِقَ، فَكَأَنَّ رَقَبَتَهُ أُطْلِقَتْ مِنْ ذَلِكَ، يُقَالُ: عَتَقَ الْعَبْدُ، وَأَعْتَقْتُهُ أَنَا، فَهُوَ عَتِيقٌ وَمُعْتَقٌ، وَهُمْ عُتَقَاءُ، وَأَمَةٌ عَتِيقٌ وَعَتِيقَةٌ، وَإِمَاءٌ عَتَائِقُ وَعُتْقٌ، بِمَعْنَى: فَاعِلٍ لَا مَفْعُولٍ ; لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ: عَتَقَ الْعَبْدُ، فَهُوَ مَعْتُوقٌ، وَقِيلَ: تَسْمِيَتُهُ مَعْتُوقًا لَحْنٌ، وَقِيلَ: لَا، وَالْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّتِهِ، وَحُصُولِ الْقُرْبَةُ بِهِ، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] و {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ١٣] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ أَعْتَقَ امْرَءًا مُسْلِمًا، اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرَبِ) وَأَعْظَمِهَا ; لِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ وَالظِّهَارِ وَالْوَطْءِ فِي رَمَضَانَ وَالْأَيْمَانِ، وَجَعَلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِكَاكًا لِمُعْتِقِهِ مِنَ النَّارِ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَخْلِيصَ الْآدَمِيِّ الْمَعْصُومِ مِنْ ضَرَرِ الرِّقِّ، وَمِلْكَ نَفْسِهِ وَمَنَافِعِهِ، وَتَكْمِيلَ أَحْكَامِهِ، وَتَمْكِينَهُ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي نَفْسِهِ وَمَنَافِعِهِ عَلَى حَسَبِ إِرَادَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ، وَفِي التَّبْصِرَةِ: هُوَ أَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَفْضَلُ الرِّقَابِ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute