للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُنْظِرْهُمْ وَقَاتَلَهُمْ.

وَلَا يُقَاتِلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ إِتْلَافُهُ كَالْمَنْجَنِيقِ وَالنَّارِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، وَلَا يَسْتَعِينُ فِي حَرْبِهِمْ بِكَافِرٍ. وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِينَ عَلَيْهِمْ بِسِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَلَا يُتْبَعُ لَهُمْ مُدْبِرٌ، وَلَا يُجَازِ عَلَى جَرِيحٍ، وَلَا يُغْنَمْ لَهُمْ مَالٌ، وَلَا تُسْبَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَنْهُ، وَفِي " الرِّعَايَةِ ": ثَلَاثًا، وَلِأَنَّ الْإِنْظَارَ الْمَرْجُوَّ بِهِ رُجُوعُهُمْ أَوْلَى مِنْ مُعَالَجَتِهِمْ بِالْقِتَالِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْهَرَجِ وَالْمَرَجِ (فَإِنْ ظَنَّ أَنَّهَا مَكِيدَةٌ لَمْ يُنْظِرْهُمْ) لِأَنَّ الْإِنْظَارَ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُ أَنْ يَصِيرَ طَرِيقًا إِلَى قَهْرِ أَهْلِ الْحَقِّ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ أَعْطَوْهُ عَلَيْهِ مَالًا أَوْ رَهْنًا، لِأَنَّهُ يُخَلِّي سَبِيلَهُمْ إِذَا انْقَضَتِ الْحَرْبُ كَمَا يُخَلِّي الْأُسَارَى، وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ، فَإِنْ سَأَلُوهُ أَنْ يُنْظِرَهُمْ أَبَدًا، وَيَدَعَهُمْ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ وَيَكُفُّوا عَنِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ قَوِيَ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ إِقْرَارُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا جَازَ (وَقَاتَلَهُمْ) حَيْثُ قَوِيَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ ضَعُفَ عَنْهُ أَخَّرَهُ حَتَّى يَقْوَى، فَإِنْ حَضَرَ مَعَهُمْ مَنْ لَا يُقَاتِلُ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ، وَإِذَا قَاتَلَ مَعَهُمْ عَبِيدٌ، أَوْ نِسَاءٌ، أَوْ صِبْيَانٌ، فَهُمْ كَالرَّجُلِ الْبَالِغِ الْحُرِّ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": وَمُرَاهِقٌ وَعَبْدٌ كَخَيْلٍ.

[أَحْكَامُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ]

(وَلَا يُقَاتِلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ إِتْلَافُهُ كَالْمَنْجَنِيقِ وَالنَّارِ) لِأَنَّهُ يَعُمُّ مَنْ يَجُوزُ وَمَنْ لَا يَجُوزُ (إِلَّا لِضَرُورَةٍ) كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ، فَإِنْ رَمَاهُمُ الْبُغَاةُ بِهِ جَازَ رَمْيُهُمْ، (وَلَا يَسْتَعِينُ فِي حَرْبِهِمْ بِكَافِرٍ) لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعَانُ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ بِهِ، فَلَأَنْ لَا يُسْتَعَانَ بِهِ فِي قِتَالِ مُسْلِمٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ كَفُّهُمْ لَا قَتْلُهُمْ، وَهُوَ لَا يَقْصِدُ قَتْلَهُمْ، فَإِنِ احْتَاجَ فَقَدَرَ عَنْ كَفِّهِمْ عَنْ فِعْلِ مَا لَا يَجُوزُ جَازَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِهِمْ، وَإِلَّا فَلَا.

(وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَعِينَ عَلَيْهِمْ بِسِلَاحِهِمْ وَكُرَاعِهِمْ؟) أَيْ: خَيْلِهِمْ (عَلَى وَجْهَيْنِ) .

أَحَدُهُمَا: لَا، جَزَمَ بِهِ ابْنُ هُبَيْرَةَ، عَنْ أَحْمَدَ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي وَالْمُؤَلِّفُ عَنْ أَحْمَدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، لِأَنَّ الْإِسْلَامَ عَصَمَ أَمْوَالَهُمْ، وَإِنَّمَا أُتِيحَ قِتَالُهُمْ لِرَدِّهِمْ إِلَى الطَّاعَةِ، فَيَبْقَى الْمَالُ عَلَى الْعِصْمَةِ، كَمَالِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ، إِلَّا أَنْ تَدْعُوَ ضَرُورَةٌ، فَيَجُوزُ كَأَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ فِي الْمَخْمَصَةِ، وَالثَّانِي: يَجُوزُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "، وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ أَحْمَدَ أَوْمَأَ إِلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى أَسْلِحَةِ الْكُفَّارِ، وَعَلَيْهِ: لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ قِتَالُهُمْ، وَيَجِبُ رَدُّهُ بَعْدَ أَنْ تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ، كَمَا يَرُدُّ سَائِرَ أَمْوَالِهِمْ، وَلَا يَرُدُّهُ حَالَ الْحَرْبِ، لِئَلَّا يُقَاتِلُونَا بِهِ (وَلَا يُتْبَعُ لَهُمْ مُدْبِرٌ، وَلَا يُجَازِ عَلَى جَرِيحٍ) وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ إِذَا تَرَكُوا الْقِتَالَ فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ، لِمَا رَوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>