. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَلِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: ٤١] الْآيَةَ زَادَ فِي " الْوَجِيزِ " وَ " الْفُرُوعِ " ثَالِثًا، وَهُوَ إِذَا اسْتَنْفَرَهُ مِنْ لَهُ اسْتِنْفَارُهُ، تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ} [التوبة: ٣٨] . وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلَوْ كَانَ عَبْدًا. وَاسْتَثْنَى فِي " الْبُلْغَةِ " مِنَ الْمَوْضِعَيْنِ السَّابِقَيْنِ إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ: مَنْ تَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَى تَخَلُّفِهِ لِحِفْظِ الْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْمَكَانِ، وَالْآخَرُ مَنْ يَمْنَعُهُ الْإِمَامُ مِنَ الْخُرُوجِ، وَمَحَلُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ: مَا لَمْ يَحْدُثْ لَهُ مَرَضٌ أَوْ عَمًى وَنَحْوُهُمَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِانْصِرَافُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْقِتَالُ. ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ".
فَرْعٌ: إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ وَالنَّفِيرِ، صَلَّى ثُمَّ نَفَرَ مَعَ الْبُعْدِ، وَمَعَ قُرْبِ الْعَدُوِّ يَنْفِرُ وَيُصَلِّي رَاكِبًا أَفْضَلُ، وَلَا يَنْفِرُ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَا بَعْدَ الْإِقَامَةِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ.
[أَفْضَلُ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ]
(وَأَفْضَلُ مَا يُتَطَوَّعُ بِهِ الْجِهَادُ) قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَفْضَلَ مِنَ الْجِهَادِ. وَالْأَحَادِيثُ مُتَضَافِرَةٌ فِي ذَلِكَ فَمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: قِيلَ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؛ قَالَ: مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَغَزْوُ الْبَحْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَزْوِ الْبَرِّ) لِحَدِيثِ أُمِّ حَرَامٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَامَ عِنْدَهَا، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسِرَّةِ. أَوْ: مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ مَرْفُوعًا: «شَهِيدُ الْبَحْرِ مِثْلُ شَهِيدَيِ الْبَرِّ، وَالْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ كَالْمُتَشَحِّطِ فِي دَمِهِ فِي الْبَرِّ، وَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - وَكَّلَ مَلَكَ الْمَوْتِ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ إِلَّا شُهَدَاءَ الْبَحْرِ فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يَتَوَلَّى قَبْضَ أَرْوَاحِهِمْ، وَشَهِيدُ الْبَرِّ يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ إِلَّا الدَّيْنَ، وَشَهِيدُ الْبَحْرِ يُغْفَرُ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute