فَصْلٌ وَعَلَيْهِ إِطْعَامُ بَهَائِمِهِ وَسَقْيُهَا. وَأَلَّا يُحَمِّلَهَا مَا لَا تُطِيقُ وَلَا يَحْلِبُ مِنْ لَبَنِهَا مَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْهِبَةَ إِنْ لَمْ تَصِحَّ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ صَحَّتْ فَالْعَبْدُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ هِبَةَ مَا فِي يَدِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إِلَى تَنْقِيصِ الْمَالِ مَرَّةً، وَإِلَى الْإِعْدَامِ أُخْرَى ; لِأَنَّهَا رُبَّمَا حَمَلَتْ، وَذَلِكَ تَنْقِيصٌ، وَلِذَلِكَ جُعِلَ عَيْبًا فِي الْمَبِيعِ، وَرُبَّمَا مَاتَتْ مِنْهُ، وَذَلِكَ إِعْدَامٌ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّسَرِّي لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ فِيهِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَاهَانَ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ هَانِئٍ كَالنِّكَاحِ، قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: حَيْثُ يَجِبُ إِعْفَافُهُ، وَلِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِضْعًا أُبِيحَ لَهُ وَطْؤُهُ كَمَا لَوْ زَوَّجَهُ.
فَرْعٌ: إِذَا مَلَكَ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ بِجُزْئِهِ الْحُرِّ فَلَهُ وَطْؤُهَا بِلَا إِذْنِ سَيِّدِهِ فِي الْأَقْيَسِ، وَلَا يَتَزَوَّجُ إِلَّا بِإِذْنِهِ.
[فَصْلٌ: إِطْعَامُ الْبَهَائِمِ وَسَقْيُهَا]
فَصْلٌ (وَعَلَيْهِ إِطْعَامُ بَهَائِمِهِ وَسَقْيُهَا) وَإِقَامَةُ مَنْ يَرْعَاهَا لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ مَرْفُوعًا قَالَ: «عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا، لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، قَالَ فِي " الْغُنْيَةِ ": وَيُكْرَهُ لَهُ إِطْعَامُهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ وَإِكْرَاهُهُ عَلَى الْأَكْلِ عَلَى مَا اتَّخَذَهُ النَّاسُ عَادَةً لِأَجْلِ التَّسْمِينِ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتُلَهُ عَبَثًا، قَالَهُ ابْنُ حَزْمٍ (وَأَلَّا يُحَمِّلَهَا مَا لَا تُطِيقُ) لِأَنَّ الشَّارِعَ مَنَعَ تَكْلِيفَ الْعَبْدِ مَا لَا يُطِيقُ، وَالْبَهِيمَةُ فِي مَعْنَاهُ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لِلْحَيَوَانِ الَّذِي لَهُ حُرْمَةٌ فِي نَفْسِهِ وَإِضْرَارًا بِهِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ (وَلَا يَحْلِبُ مِنْ لَبَنِهَا مَا يَضُرُّ بِوَلَدِهَا) لِأَنَّ كِفَايَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَى مَالِكِهِ، أَشْبَهَ وَلَدَ الْأَمَةِ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُعَلِّقَ عَلَيْهَا جَرَسًا، أَوْ وَتَرًا، أَوْ جَزَّ مَعْرِفَةٍ وَنَاصِيَةٍ، وَفِي جَزِّ ذَنَبِهَا رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا الْكَرَاهَةُ (وَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهَا، أَوْ إِجَارَتِهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute