أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِلَى مُدَّةٍ،
وَنِكَاحٌ يُشْرَطُ فِيهِ طَلَاقُهَا فِي وَقْتٍ، أَوْ عَلَّقَ ابْتِدَاءَهُ عَلَى شَرْطٍ، كَقَوْلِهِ: زَوَّجْتُكَ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إِنْ رَضِيَتْ أُمُّهَا، فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ مِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَصْحَابِهِ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَجَابِرٍ، وَعَلَيْهِ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلَا نَخْتَصِي، فَنَهَانَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا بَعْدُ أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ، ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ} [المائدة: ٨٧] » الْآيَةَ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأُجِيبَ بِمَنْعِ ثُبُوتِ قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ نُسِخَ الْجَمِيعُ بِمَا تَقَدَّمَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاحَةً، ثُمَّ نُسِخَتْ يَوْمَ خَيْبَرَ، ثُمَّ أُبِيحَتْ، ثُمَّ حُرِّمَتْ عَامَ الْفَتْحِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا أَحَلَّهُ اللَّهُ، ثُمَّ حَرَّمَهُ، ثُمَّ أَحَلَّهُ ثُمَّ حَرَّمَهُ، إِلَّا الْمُتْعَةَ. وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ (وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِلَى مُدَّةٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْلُومَةً كَإِلَى شَهْرٍ، أَوْ مَجْهُولَةٍ كَنُزُولِ الْمَطَرِ، وَسَوَاءٌ وَقَعَ بِشَرْطِهِ أَوْ لَا، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ شَرْطٍ وَفِي نِيَّتِهِ طَلَاقُهَا، فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فِي قَوْلِ عَامَّتِهِمْ، خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: نِكَاحُ مُتْعَةٍ، وَالصَّحِيحُ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ حَبْسُ امْرَأَتِهِ وَحَسْبُهُ إِنْ وَافَقَتْهُ، وَإِلَّا طَلَّقَهَا، وَقَالَ الشَّرِيفُ: وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ إِنْ عَقَدَ بِقَلْبِهِ تَحْلِيلَهَا لِلْأَوَّلِ، أَوِ الطَّلَاقَ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ - لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ.
[نِكَاحٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ طَلَاقُهَا]
(وَنِكَاحٌ يُشْرَطُ فِيهِ طَلَاقُهَا) فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ، وَهُوَ شَرْطٌ مَانِعٌ مِنْ بَقَاءِ النِّكَاحِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ الْعَقْدُ دُونَ الشَّرْطِ ; لِأَنَّ النِّكَاحَ وَقَعَ مُطْلَقًا، وَشَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ شَرْطًا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَهَا، وَكَمَا لَوْ نَوَى إِنْ وَافَقَتْهُ وَإِلَّا طَلَّقَهَا (أَوْ عَلَّقَ ابْتِدَاءَهُ) أَيِ: النِّكَاحُ (عَلَى شَرْطٍ، كَقَوْلِهِ: زَوَّجْتُكَ إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إِنْ رَضِيَتْ أُمُّهَا، فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ) ; لِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَبَطَلَ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ كَالْبَيْعِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ: إِلَّا زَوَّجْتُ أَوْ قَبِلْتَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَفِي " الْمُحَرَّرِ "، وَغَيْرُهُ: مُسْتَقْبَلٌ، فَيَصِحُّ عَلَى مَاضٍ وَحَاضِرٍ، كَزَوَّجْتُكَ هَذِهِ إِنْ كَانَتْ بِنْتِي، أَوْ كُنْتُ وَلِيَّهَا، أَوِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا - وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذَلِكَ - أَوْ شِئْتَ، فَقَالَ: شِئْتُ وَقَبِلْتُ وَنَحْوُهُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَعَنْهُ: يَصِحُّ دُونَ شَرْطِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي " تَعْلِيقِهِ " بِشَرْطٍ، وَالْأَنَصُّ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute