فَصْلٌ: الثَّالِثُ: اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الصِّحَّةِ، وَالْكَمَالِ فَلَا تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بِشَلَّاءَ، أنه أوجب ذلك، وَلَا كَاملةُ الْأَصَابِعِ بِنَاقِصَةٍ وَلَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[الثَّالِثُ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الصِّحَّةِ وَالْكَمَالِ]
فَصْلٌ
(الثَّالِثُ: اسْتِوَاؤُهُمَا فِي الصِّحَّةِ، وَالْكَمَالِ) لِأَنَّ الْقِصَاصَ يَعْتَمِدُ الْمُمَاثَلَةَ (فَلَا تُؤْخَذُ صَحِيحَةٌ بِشَلَّاءَ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ دَاوُدَ (أنه أوجب ذلك) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِ كَالْأذنين، وَجَوَابُهُ: أَنَّ الشَّلَّاءَ لَا نَفْعَ فِيهَا سِوَى الْجَمَالِ، فَلَا تُؤْخَذُ بِمَا فِيهِ نَفْعٌ، وَإِذَا لَمْ يُؤْخَذِ الْقَوَدُ فِي الْعَيْنَيْنِ لِأَجْلِ تَفَاوُتِهِمَا فِي الصِّحَّةِ، وَالْعَمَى فَلَأَنْ لَا يُوجِبَ ذَلِكَ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ أَوْلَى (وَلَا كَاملةُ الْأَصَابِعِ بِنَاقِصَةٍ) لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى مَا جُنِيَ عَلَيْهِ، فَلَوْ قَطَعَ مَنْ لَهُ خَمْسُ أَصَابِعَ يَدَ مَنْ لَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزِ الْقِصَاصُ ; لِأَنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْطَعَ مِنْ أَصَابِعِ الْجَانِي بِعَدَدِ أَصَابِعِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ، وَإِنْ قَطَعَ ذُو الْيَدِ الْكَامِلَةِ يَدًا فِيهَا إِصْبَعٌ شَلَّاءُ وَبَاقِيهَا صِحَاحٌ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ الصَّحِيحَةِ بِهَا، وَفِي الْقَوَدِ مِنَ الْأَصَابِعِ الصِّحَاحِ وَجْهَانِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَهُ الْقَوَدُ، فَلَهُ الْحُكُومَةُ فِي الشَّلَّاءِ، وَأَرْشُ مَا تَحْتَهَا مِنَ الْكَفِّ، وَهَلْ يَدْخُلُ مَا تَحْتَ الْأَصَابِعِ الصَّحِيحَةِ فِي قِصَاصِهَا، أَوْ تَجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَإِنْ كَانَتِ الزَّائِدَةُ مِنْ أَصَابِعِ الْجَانِي زَائِدَةً فِي الْخِلْقَةِ لَمْ يُمْنَعِ الْقَوَدُ عِنْدَ ابْنِ حَامِدٍ ; لِأَنَّهَا عَيْبٌ وَنَقْصٌ فِي الْمَعْنَى كَالسِّلْعَةِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّهَا تَمْنَعُ كَالْأَصْلِيَّةِ، وَلَا تُؤْخَذُ ذَاتُ أَظْفَارٍ بِمَا لَا أَظْفَارَ لَهَا (وَلَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِقَائِمَةٍ) وَهِيَ صَحِيحَةٌ مَوْضِعِهَا، وَإِنَّمَا ذَهَبَ نُورُهَا وَإِبْصَارُهَا ; لِانْتِفَاءِ اسْتِوَائِهِمَا فِي الصِّحَّةِ وَتُؤْخَذُ الْقَائِمَةُ بِالصَّحِيحَةِ ; لِأَنَّهَا دُونَ حَقِّهِ، وَلَا أَرْشَ لَهُ مَعَهَا ; لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي الصِّفَةِ (وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُمَاثِلٍ لَهُ، وَلِأَنَّهُ يَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهِ، أَشْبَهَتِ الْيَدَ الصَّحِيحَةَ بِالشَّلَّاءِ (وَلَا ذَكَرُ فَحْلٍ بِذَكَرِ خَصِيٍّ، وَلَا عِنِّينٍ) عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute