للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاطِعِ دِيَتُهَا، وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مَجْنُونًا، فَعَلَى الْقَاطِعِ الْقِصَاصُ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، وَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَصُّ مَجْنُونًا وَالْآخَرُ عَاقِلًا ذَهَبَتْ هَدَرًا.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

انْدِمَالِ الْيَسَارِ) لِأَنَّهُ لَوْ قَطَعَهَا قَبْلَ ذَلِكَ أَدَّى إِلَى هَلَاكِهِ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَطَعَ يَمِينَ رَجُلٍ وَيَسَارَ آخَرَ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ أَحَدُهُمَا إِلَى انْدِمَالِ الْآخَرِ ; لِأَنَّ الْقَطْعَيْنِ مُسْتَحَقَّانِ قِصَاصًا فَلِهَذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا، وَفِي هَذِهِ أَحَدُهُمَا غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ.

تَتِمَّةٌ: فَإِنْ أَخْرَجَهَا عَمْدًا عَالِمًا أَنَّهَا يَسَارُهُ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ فَهَدَرٌ وَيُفَارِقُ هَذَا مَا إِذَا قَطَعَ يَدَ إِنْسَانٍ، وَهُوَ سَاكِتٌ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْبَدَلُ، فَإِنْ سَرَى قَطْعُ يَسَارِهِ إِلَى نَفْسِهِ فَهَدَرٌ، وَتَجِبُ فِي تَرِكَتِهِ دِيَةُ الْيَمِينِ لِتَعَذُّرِ الِاسْتِيفَاءِ (وَإِنْ أَخْرَجَهَا دَهْشَةً، أَوْ ظَنًّا أَنَّهَا تُجْزِئُ، فَعَلَى الْقَاطِعِ دِيَتُهَا) إِنْ عَلِمَ أَنَّهَا يَسَارٌ وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ، وَيُعَزَّرُ، وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ بِالدِّيَةِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِهَا كَانَتْ مَضْمُونَةً عَلَيْهِ، وَمَا وَجَبَ ضَمَانُهُ فِي الْعَمْدِ وَجَبَ فِي الْخَطَأِ كَإِتْلَافِ الْمَالِ، وَالْقِصَاصُ بَاقٍ فِي الْيَمِينِ، وَلَا يَقْتَصُّ حَتَّى تَنْدَمِلَ الْيَسَارُ، فَإِنْ عَفَا وَجَبَ بَدَلُهَا وَيَتَقَاصَانِ، وَإِنْ سَرَتِ الْيَسَارُ إِلَى نَفْسِهِ، فَلِوَرَثَةِ الْجَانِي نِصْفُ الدِّيَةِ ; لِأَنَّ الْيَسَارَ مَضْمُونَةٌ وَتَسَاقَطَا بِهِ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْجَانِي فِي الْعِلْمِ وَعَدَمِ إِبَاحَتِهَا ; لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ (وَإِنْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مَجْنُونًا) مِثْلَ أَنْ يُجَنَّ بَعْدَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ (فَعَلَى الْقَاطِعِ الْقِصَاصُ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا وَأَنَّهَا لَا تُجْزِئُ) لِأَنَّهُ قَطَعَهَا مُتَعَدِّيًا (وَإِنْ جَهِلَ أَحَدُهُمَا: فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ) لِأَنَّ بَذْلَ الْمَجْنُونِ لَيْسَ بِشُبْهَةٍ (وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَصُّ مَجْنُونًا، وَالْآخَرُ عَاقِلًا ذَهَبَتْ هَدَرًا) لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ الِاسْتِيفَاءُ، وَلَا يَجُوزُ الْبَذْلُ لَهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ أَتْلَفَهَا بِبَذْلِ صَاحِبِهَا، لَكِنْ إِنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ الْيُمْنَى فَقَدْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْقَوَدِ فِيهَا لِتَلَفِهَا، فَيَكُونُ لِلْمَجْنُونِ دِيَتُهَا، وَإِنْ وَثَبَ الْمَجْنُونُ فَقَطَعَ يَمِينَهُ قَهْرًا سَقَطَ حَقُّهُ كَمَا لَوِ اقْتَصَّ مِمَّنْ لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَقِيلَ: لَا تَسْقُطُ، قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ، وَدِيَةُ يَدِهِ عَلَى الْجَانِي، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الْجَانِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>