فَصْلٌ وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إِلَّا بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ. وَعَلَيْهِ تَفَقُّدُ الْآلَةِ الَّتِي يُسْتَوْفَى بِهَا الْقِصَاصُ، فَإِنْ كَانَتْ كَالَّةً مَنَعَهُ الِاسْتِيفَاءَ بِهَا وَيَنْظُرُ فِي الْوَلِيِّ، فَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
فَرْعٌ: قَالَ فِي " الرِّعَايَةِ ": فَإِنْ قَتَلَهَا فَتَلِفَ جَنِينُهَا ضَمِنَ السُّلْطَانُ الْمُمَكِّنُ مِنْهَا بِغُرَّةٍ، وَعَنْهُ: فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ رَمَتْهُ حَيًّا فَمَاتَ بِذَلِكَ وَجَبَتْ دِيَتُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ قِيمِيًّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَعَنْهُ: مِنْ عَاقِلَتِهِ، وَقِيلَ: يَضْمَنُهُ قَاتِلُهَا، وَقِيلَ: إِنْ عَلِمَ وَحْدَهُ بِالْحَمْلِ.
[فَصْلٌ: اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ]
فَصْلٌ (وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إِلَّا بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ) أَوْ نَائِبِهِ لِأَنَّهُ يُفْتَقَرُ إِلَى اجْتِهَادِهِ، وَلَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ مَعَ قَصْدِ التَّشَفِّي، فَلَوْ خَالَفَ وَقَعَ الْمَوْقِعَ ; لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " يُعَزِّرُهُ لِافْتِئَاتِهِ عَلَى السُّلْطَانِ، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": لَا يُعَزِّرُهُ ; لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ كَالْمَالِ، وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ إِذَا كَانَ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ ; لِأَنَّهُ - «- عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَتَاهُ رَجُلٌ يَقُودُ آخَرَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا قَتَلَ أَخِي فَاعْتَرَفَ بِقَتْلِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَلِأَنَّ اشْتِرَاطَ حُضُورِهِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِدَلِيلٍ، وَلَمْ يُوجَدْ وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُ شَاهِدَيْنِ لِئَلَّا يُنْكِرَ الْمُقْتَصُّ الِاسْتِيفَاءَ (وَعَلَيْهِ تَفَقُّدُ الْآلَةِ الَّتِي يُسْتَوْفَى بِهَا الْقِصَاصُ) لِأَنَّ مِنْهَا مَا لَا يَجُوزُ الِاسْتِيفَاءُ بِهِ (فَإِنْ كَانَتْ كَالَّةً) أَوْ مَسْمُومَةً (مَنَعَهُ الِاسْتِيفَاءَ بِهَا) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادٍ، وَلِئَلَّا يُعَذَّبَ الْمَقْتُولُ، وَلِأَنَّ الْمَسْمُومَةَ تُفْسِدُ الْبَدَنَ وَرُبَّمَا مَنَعَتْ غَسْلَهُ، وَإِنْ عَجَّلَ فَاسْتَوْفَى بِذَلِكَ عُزِّرَ لِفِعْلِهِ مَا لَا يَجُوزُ (وَيَنْظُرُ فِي الْوَلِيِّ، فَإِنْ كَانَ يُحْسِنُ الِاسْتِيفَاءَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ) بِالْقُوَّةِ، وَالْمَعْرِفَةِ (أَمْكَنَهُ مِنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣] وَلِلْخَبَرِ، وَكَسَائِرِ حُقُوقِهِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّشَفِّي، وَتَمْكِينُهُ مِنْهُ أَبْلَغُ فِي ذَلِكَ، فَإِنِ ادَّعَى الْمَعْرِفَةَ بِالِاسْتِيفَاءِ فَأَمْكَنَهُ السُّلْطَانُ مِنْهُ بِضَرْبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute