عَلَيْهِ.
وَلَا يُجَاهِدُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ، وَلَا مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ إِلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَأَمَّا الْعَاجِزُ عَنْهَا، فَلا توصف باسْتِحْبَاب، قَالَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ".
فَرْعٌ: لَا تَجِبُ الْهِجْرَةُ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْمَعَاصِي، لَكِنْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ} [العنكبوت: ٥٦] أَنَّ الْمَعْنَى إِذَا عُمِلَ بِالْمَعَاصِي فِي أَرْضٍ فَاخْرُجُوا مِنْهَا، قَالَهُ عَطَاءٌ، وَيَرُدُّهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ. . . .» الْحَدِيثُ.
[لَا يُجَاهِدُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ إِلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ وَأَبِيهِ]
(وَلَا يُجَاهِدُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) لِآدَمِيٍّ لَا وَفَاءَ لَهُ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدَّيْنِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ يُقْصَدُ مِنْهُ الشَّهَادَةُ، وَبِهَا تَفُوتُ النَّفْسُ فَيَفُوتُ الْحَقُّ بِفَوَاتِهَا، وَفِي " الرِّعَايَةِ " وَجْهٌ: لَا يَسْتَأْذِنُ مَعَ تَأْجِيلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الطَّلَبُ إِلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ وَفَاءٌ، فَلَهُ أَنْ يُجَاهِدَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَرَامٍ وَالِدُ جَابِرٍ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ، وَعَلَيْهِ دُيُونٌ كَثِيرَةٌ فَاسْتُشْهِدَ، وَقَضَى عَنْهُ ابْنُهُ مَعَ عِلْمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَفِي مَعْنَاهُ إِقَامَةُ الْكَفِيلِ أَوْ تَوَثُّقُهُ بِرَهْنٍ، لِعَدَمِ ضَيَاعِ حَقِّ الْغَرِيمِ بِتَقْدِيرِ قَتْلِهِ (وَلَا مَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُجَاهِدُ؟ فَقَالَ: لَكَ أَبَوَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَكَ أَبَوَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ارْجِعْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute