للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوْقُ، وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ وَاسْتِيعَابُهُمْ وَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَإِلَّا جَازَ تَفْضِيلُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ]

(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ، وَلَهُ مَوَالٍ مِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ أَسْفَلُ تَنَاوَلَ جَمِيعَهُمْ) وَيَسْتَوُونَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَشْمَلُهُمْ جَمِيعًا، قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: مَنْ وَقَفَ عَلَى مَوَالِيهِ الْمُعْتَقِينَ جَازَ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا شَرَطَ، فَإِنْ مَاتُوا وَلَهُمْ أَوْلَادٌ صَارَ مَا كَانَ وَقْفًا عَلَيْهِمْ، وَقْفًا عَلَى أَوْلَادِهِمْ. (وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَخْتَصُّ الْمَوَالِي مِنْ فَوْقُ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَقْوَى عُصْبَةً بِدَلِيلِ ثُبُوتِ الْمِيرَاثِ لَهُمْ، وَلَا يَسْتَحِقُّ مَوْلَى أَبِيهِ مَعَ وُجُودِ مَوَالِيهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوَالٍ، فَقَالَ الشَّرِيفُ: هُوَ لِمَوْلَى أُمِّهِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ مَجَازًا، وَقَدْ تَعَذَّرَتِ الْحَقِيقَةُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَوَالِي أَبٍ حِينَ الْوَقْفِ ثُمَّ انْقَرَضَ مَوَالِيهِ لَمْ يَكُنْ لِمَوَالِي الْأَبِ فِي ظَاهِرِ مَا ذَكَرُوا؛ لِأَنَّ الِاسْمَ تَنَاوَلَ غَيْرَهُمْ فَلَا يَعُودُ إِلَيْهِمْ إِلَّا بِعَقْدٍ، وَلَمْ يُوجَدْ.

(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ وَاسْتِيعَابُهُمْ) كَبَنِي فُلَانٍ الَّذِينَ لَيْسُوا بِقَبِيلَةٍ (وَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ) ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَقَدْ أَمْكَنَ الْوَفَاءُ بِهِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ، أَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَرَّ لَهُمْ، وقَوْله تَعَالَى: {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] يُوَضِّحُهُ، فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ فِي ابْتِدَائِهِ عَلَى مَنْ يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهُ فَصَارَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهُ، كَوَقْفِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَبَ تَعْمِيمُ مَنْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ التَّعْمِيمَ وَالتَّسْوِيَةَ كَانَ وَاجِبًا، فَإِذَا تَعَذَّرَ وَجَبَ مَا أَمْكَنَ كَالْوَاجِبِ الَّذِي يَعْجِزُ عَنْ بَعْضِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حَصْرُهُمْ وَاسْتِيعَابُهُمْ كَبَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي تَمِيمٍ لَمْ يَجِبْ تَعْمِيمُهُمْ إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَ (جَازَ تَفْضِيلُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ) ؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ حِرْمَانُهُ جَازَ تَفْضِيلُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ (وَالِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ) ، عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْوَاقِفِ مُجَاوَزَةُ الْجِنْسِ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالدَّفْعِ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ (وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ) ، هَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ، قَالَ فِي " الْخِلَافِ " وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ، قَالَ: يُجَزَّأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، فَعَلَى هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا لَفْظُ الْمُوصِي، وَأَمْرُ اللَّهِ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْمَقْصُودُ بِدَلَالَةِ أَنَّ الْمُوصِيَ لِلْمَسَاكِينِ لَا يَعْدِلُ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَالْإِطْعَامُ فِي الْكَفَّارَةِ يَجُوزُ صَرْفُهَا إِلَى غَيْرِ الْمَسَاكِينِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>