الصَّلَاةُ خَلْفَ كَافِرٍ. وَلَا أَخْرَسَ، وَلَا مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ، وَلَا عَاجِزٍ عَنِ الرُّكُوعِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِأَنَّهَا تُكْرَهُ إِمَامَةُ مَنْ قُطِعَ أَنْفُهُ
[مَنْ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَهُمْ]
(وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ خَلْفَ كَافِرٍ) وِفَاقًا؛ لِأَنَّهَا تَفْتَقِرُ إِلَى النِّيَّةِ وَالْوُضُوءِ، وَهُمَا لَا يَصِحَّانِ مِنْهُ، وَلِأَنَّهُ ائْتَمَّ بِمَنْ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ، أَشْبَهَ مَا لَوِ ائْتَمَّ بِمَجْنُونٍ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِكُفْرِهِ فِي الصَّلَاةِ، أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يَخْفَى غَالِبًا، فَالْجَاهِلُ بِهِ مُفَرِّطٌ، وَقِيلَ: يَصِحُّ إِنْ كَانَ يُسِرُّهُ، وَعَلَى هَذَا لَا إِعَادَةَ عَلَى مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، كَمَا لَوِ ائْتَمَّ بِمُحْدِثٍ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ.
وَجَوَابُهُ: بِأَنَّ الْمُحْدِثَ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَعْلَمَ حَدَثَ نَفْسِهِ، وَالْكَافِرُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ.
تَنْبِيهٌ: إِذَا عَلِمَهُ مُسْلِمًا فَصَلَّى خَلْفَهُ فَقَالَ بَعْدَ الصَّلَاةِ: هُوَ كَافِرٌ لَمْ تَبْطُلْ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ مَحْكُومًا بِصِحَّتِهَا؛ وَهُوَ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ سَلَامِهِ هُوَ كَافِرٌ تَهَزُّؤًا، فَنَصُّهُ: يُعِيدُ الْمَأْمُومُ، كَمَنْ ظَنَّ كُفْرَهُ أَوْ حَدَثَهُ فَبَانَ خِلَافُهُ، وَقِيلَ: لَا، كَمَنْ جَهِلَ حَالَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الْمُصَلِّينَ الْإِسْلَامُ، سِيَّمَا إِذَا كَانَ إِمَامًا، وَإِنْ عُلِمَ لَهُ حَالَانِ أَوْ إِفَاقَةٌ وَجُنُونٌ لَمْ يُدْرَ فِي أَيِّهِمَا ائْتَمَّ، وَأَمَّ فِيهِمَا، فَفِي الْإِعَادَةِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا: إِنْ عَلِمَ قَبْلَ الصَّلَاةِ إِسْلَامَهُ، وَشَكَّ فِي رِدَّتِهِ لَمْ يُعِدْ، وَإِلَّا أَعَادَ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " (وَلَا أَخْرَسَ) لِأَنَّهُ أَخَلَّ بِفَرْضٍ الصَّلَاةِ، كَالْمُضْطَجِعِ يَؤُمُّ الْقَائِمَ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهَا لَا تَصِحُّ وَلَوْ بِمِثْلِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ مَأْيُوسٌ مِنْ نُطْقِهِ، وَفِي " الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ "، وَ " الْكَافِي " أَنَّهَا تَصِحُّ.
قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": هُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ قِيَاسًا عَلَى الْأُمِّيِّ وَالْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ يَؤُمُّ مِثْلَهُ (وَلَا مَنْ بِهِ سَلَسُ الْبَوْلِ) لِأَنَّ فِي صَلَاتِهِ خَلَلًا غَيْرَ مَجْبُورٍ بِبَدَلٍ؛ لِكَوْنِهِ يُصَلِّي مَعَ خُرُوجِ النَّجَاسَةِ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْحَدَثُ مِنْ غَيْرِ طَهَارَةٍ، أَشْبَهَ مَا لَوِ ائْتَمَّ بِمُحْدِثٍ يَعْلَمُ بِحَدَثِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ فِي نَفْسِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِمَنْ حَدَثُهُ مُسْتَمِرٌّ كَـ " الْوَجِيزِ "،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute