للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحَّ.

وَالْمُسَاقَاةُ عَقْدٌ جَائِزٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ لَا تَفْتَقِرُ إِلَى ذِكْرِ مُدَّةٍ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا، فَمَتَى انْفَسَخَتْ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ فَسَخَ الْعَامِلُ قَبْلَ ظُهُورِهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ فَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَقِيلَ: هِيَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ اعْتِبَارُ بَيِّنَةٍ، وَقَدَّمَ فِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، فَلَوْ دَفَعَهَا إِلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ بَيْنَهُمَا، فَذَلِكَ فَاسِدٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.

فَرْعٌ: عَمِلَا فِي شَجَرٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ صَحَّ كَاشْتِرَاطِ الْعَامِلِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ جُزْءًا مَعْلُومًا، وَكَتَعَدُّدِهِ، وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهَا أَنْ يَكُونَ الشَّجَرُ مَعْلُومًا كَالْبَيْعِ، فَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى بُسْتَانٍ لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يُوصَفْ لَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمُسَاقَاتِهِ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْحَائِطَيْنِ.

[لَا تَفْتَقِرُ الْمُسَاقَاةُ إِلَى ذِكْرِ مُدَّةٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ فَسْخُهَا]

(وَالْمُسَاقَاةُ عَقْدٌ جَائِزٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) وَكَذَا الْمُزَارَعَةُ، أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْأَكَّارِ يَخْرُجُ مِنَ الضَّيْعَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ صَاحِبُهَا فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَقَالَهُ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَضِيَّةِ خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا» وَلَوْ كَانَ لَازِمًا لَمْ يَجُزْ بِغَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ، وَلَا أَنْ يَجْعَلَ الْخِيَرَةَ إِلَيْهِ فِي مُدَّةِ إِقْرَارِهِمْ، وَلِأَنَّهَا عَقْدٌ عَلَى جُزْءٍ مِنْ نَمَاءِ الْمَالِ فَكَانَتْ جَائِزَةً كَالْمُضَارَبَةِ (لَا تَفْتَقِرُ إِلَى ذِكْرِ مُدَّةٍ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَضْرِبْ لِأَهْلِ خَيْبَرَ مُدَّةً، وَلَا خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ، وَكَمَا لَا تَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبُولِ لَفْظًا (وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا) لِأَنَّهُ شَأْنُ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ (فَمَتَى انْفَسَخَتْ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا) عَلَى مَا شَرَطَاهُ ; لِأَنَّهَا حَدَثَتْ عَلَى مِلْكَيْهِمَا، وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ تَمَامُ الْعَمَلِ كَالْمُضَارِبِ (وَإِنْ فَسَخَ الْعَامِلُ قَبْلَ ظُهُورِهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ) لِأَنَّهُ رَضِيَ إِسْقَاطَ حَقِّهِ فَهُوَ كَعَامِلِ الْمُضَارَبَةِ وَالْجُعَالَةِ (وَإِنْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ) أَيْ قَبْلَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ (فَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ; لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ إِتْمَامِ عَمَلِهِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ الْعِوَضَ كَجُعَالَةٍ، وَفَارَقَ رَبَّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>