عَقْدٌ لَازِمٌ يَفْتَقِرُ إِلَى ضَرْبِ مُدَّةٍ يَكْمُلُ فِيهَا الثَّمَرُ، وَإِنْ جَعَلَا مُدَّةً لَا يَكْمُلُ فِيهَا لَمْ تَصِحَّ، وَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ جَعَلَا مُدَّةً قَدْ تَكْمُلُ فِيهَا وَقَدْ لَا تَكْمُلُ فَهَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَصِحُّ، فَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ؟ عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
إِذَا فَسَخَهَا قَبْلَ ظُهُورِ الرِّبْحِ ; لِأَنَّ هَذَا يُفْضِي إِلَى ظُهُورِ الثَّمَرَةِ غَالِبًا، فَلَوْلَا الْفَسْخُ لَظَهَرَتِ الثَّمَرَةُ، فَمَلَكَ نَصِيبَهُ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ إِفْضَاؤُهَا إِلَى الرِّبْحِ (وَقِيلَ: هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ ; لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَكَانَ لَازِمًا كَالْإِجَارَةِ، إِذْ لَوْ كَانَتْ جَائِزَةً لَمَلَكَ رَبُّ الْمَالِ فَسْخَهَا إِذَا ظَهَرَتْ، فَيَسْقُطُ سَهْمُ الْعَامِلِ فَيَتَضَرَّرُ (يَفْتَقِرُ إِلَى ضَرْبِ مُدَّةٍ يَكْمُلُ فِيهَا الثَّمَرُ) لِأَنَّهَا أَشْبَهُ بِالْإِجَارَةِ لِكَوْنِهَا تَقْتَضِي الْعَمَلَ مَعَ بَقَائِهَا، وَلَا يَتَقَدَّرُ أَكْثَرُ الْمُدَّةِ بَلْ يَجُوزُ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنَ الْمُدَّةِ الَّتِي يَبْقَى فِيهَا الشَّجَرُ، وَإِنْ طَالَتْ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً، رُدَّ بِأَنَّهُ تَحَكُّمٌ وَتَوْقِيتٌ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ (وَإِنْ جَعَلَا مُدَّةً لَا يَكْمُلُ فِيهَا لَمْ تَصِحَّ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اشْتِرَاكُهُمَا فِي الثَّمَرَةِ، وَلَا تُوجَدُ فِي أَقَلَّ مِنْهَا (وَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَيْ إِذَا ظَهَرَتِ الثَّمَرَةُ وَلَمْ تَكْمُلْ، فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ إِلَّا بِعِوَضٍ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنَ الثَّمَرَةِ وَهُوَ مَوْجُودٌ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ، فَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ ; لِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْعَمَلِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهُوَ كَالْمُتَبَرِّعِ، وَكَمَا لَوْ لَمْ تَظْهَرِ الثَّمَرَةُ.
(وَإِنْ جَعَلَا مُدَّةً قَدْ تَكْمُلُ فِيهَا وَقَدْ لَا تَكْمُلُ) أَوْ إِلَى الْجِدَادِ، أَوْ إِدْرَاكِهَا (فَهَلْ تَصِحُّ) الْمُسَاقَاةُ (عَلَى وَجْهَيْنِ) أَصَحُّهُمَا تَصِحُّ ; لِأَنَّ الشَّجَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَحْمِلَ، وَيُحْتَمَلَ عَدَمُهُ، وَالْمُسَاقَاةُ جَائِزَةٌ فِيهِ، وَالثَّانِي لَا تَصِحُّ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى مَعْدُومٍ لَيْسَ الْغَالِبُ وَجُودُهُ فَلَمْ تَصِحَّ كَالسَّلَمِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ حِصَّتُهُ مِنَ الثَّمَرَةِ (فَإِنْ قُلْنَا: لَا تَصِحُّ، فَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَظْهَرُهُمَا، وَذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَجْهًا وَاحِدًا: لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَلَمْ يُسْلِمْ إِلَيْهِ، فَاسْتَحَقَّ أَجْرَ الْمِثْلِ سَوَاءٌ حَمَلَتْ أَوْ لَا، وَالثَّانِي لَا شَيْءَ لَهُ، كَمَا لَوْ شَرَطَا مُدَّةً لَا يَكْمُلُ فِيهَا الشَّجَرُ غَالِبًا (وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ) أَوْ جُنَّ، أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ انْفَسَخَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ كَرَبِّ الْمَالِ، وَإِنْ قِيلَ بِلُزُومِهَا (تَمَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute