للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مُعَيَّنٍ يَمْلِكُ، وَلَا يَصِحُّ عَلَى مَجْهُولٍ كَرَجُلٍ وَمَسْجِدٍ، وَلَا عَلَى حَيَوَانٍ لَا يَمْلِكُ كَالْعَبْدِ وَالْحَمْلِ وَالْمَلْكِ وَالْبَهِيمَةِ.

الرَّابِعُ: أَنْ يَقِفَ نَاجِزًا، فَإِنْ عَلَّقَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَالْهِبَةِ (وَلَا يَصِحُّ عَلَى مَجْهُولٍ كَرَجُلٍ وَمَسْجِدٍ) ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلَا عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ، وَفِيهِ وَجْهٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إِلَى قَبُولٍ، وَلَا عَلَى مَعْدُومٍ أَصْلًا كَوَقْفِهِ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي أَوْ لِفُلَانٍ، وَصَحَّحَهُ فِيهِ فِي " الْمُغْنِي "؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ، وَفِي " التَّرْغِيبِ " هُوَ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ، وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْحَارِثِيُّ أَنْ يَمْلِكَ؛ لِحُصُولِ مَعْنَاهُ، فَيَصِحُّ لِعَبْدٍ وَبَهِيمَةٍ يُنْفِقُهُ عَلَيْهِمَا (وَلَا عَلَى حَيَوَانٍ لَا يَمْلِكُ كَالْعَبْدِ) قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى مَمَالِيكِهِ: لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ حَتَّى يُعْتِقَهُمْ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ قُلْنَا: إِنَّهُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ كَالْعَدَمِ.

وَقِيلَ: يَصِحُّ إِنْ قُلْنَا يَمْلِكُ بِهِ، وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ، وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْقِنِّ، وَكَذَا الْمُكَاتَبُ، فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ، لَا يُقَالُ: الْوَقْفُ عَلَى الْمَسَاجِدِ صَحِيحٌ، وَهِيَ لَا تَمْلِكُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ هُنَا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا أَنَّهُ عُيِّنَ فِي نَفْعٍ خَاصٍّ لَهُمْ، فَيُرَدُّ أَنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْكَنَائِسِ، وَيَكُونُ الْوَقْفُ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْجِهَةَ الَّتِي عُيِّنَ صَرْفُ الْوَقْفِ فِيهَا لَيْسَتْ نَفْعًا، بَلْ هِيَ مَعْصِيَةٌ مُحَرَّمَةٌ يَزْدَادُونَ بِهَا عِقَابًا بِخِلَافِ الْمَسَاجِدِ، (وَالْحَمْلِ) ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْحَارِثِيُّ كَوَصِيَّةٍ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَيَتَوَجَّهُ فِي الْوَقْفِ عَلَى حَمْلِ صِحَّةِ الْهِبَةِ لَهُ، وَأَوْلَى لِصِحَّتِهَا لِعَبْدٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَصِحُّ تَبَعًا، كَـ: عَلَيَّ وَأَوْلَادِي وَأَوْلَادِ فُلَانٍ، وَفِيهِمْ حَمْلٌ مُسْتَحِقٌّ هُوَ وَكُلُّ حَمْلٍ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ بِالْوَضْعِ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ مُشْتَرٍ، نَصَّ عَلَيْهِ (وَالْمَلْكِ وَالْبَهِيمَةِ) ؛ لِعَدَمِ مِلْكِهَا، وَالْجِنُّ وَالْمَيِّتُ كَذَلِكَ.

[الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَقِفَ نَاجِزًا]

(الرَّابِعُ: أَنْ يَقِفَ نَاجِزًا) كَـ: وَقَفْتُ دَارِي عَلَى كَذَا، وَلَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهِ بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِلْمِلْكِ، أَشْبَهَ الْبَيْعَ (فَإِنْ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ لَمْ يَصِحَّ) ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ لِلْمِلْكِ فِيمَا لَمْ يُبْنَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ، فَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ كَالْهِبَةِ، وَفِيهِ وَجْهٌ.

وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا: هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَظَاهِرُهُ شَامِلٌ لِمَا إِذَا شَرَطَ شَرْطًا فَاسِدًا كَخِيَارٍ فِيهِ، وَتَحْوِيلُهُ، وَتَغْيِيرِ شَرْطٍ، وَخَرَجَ مِنَ الْبَيْعِ صِحَّتُهُ. وَفِي " الشَّرْحِ " إِذَا شَرَطَ أَنْ يَبِيعَهُ مَتَى شَاءَ، أَوْ يَهَبَهُ، أَوْ يَرْجِعَ فِيهِ - بَطَلَ الْوَقْفُ وَالشَّرْطُ، لَا نَعْلَمُ فِي بُطْلَانِ الشَّرْطِ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى الْعَقْدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>