للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ الْإِيلَاءِ وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ.

وَيُشْتَرَطُ لَهُ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ: أَحَدُهَا:

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[كِتَابُ الْإِيلَاءِ] [تَعْرِيفُ الْإِيلَاءِ]

الْإِيلَاءُ بِالْمَدِّ الْحَلِفُ، وَهُوَ مَصْدَرٌ لِـ: يُولِي إِيلَاءً، وَيُقَالُ: تَأَلَّى يَتَأَلَّى. وَفِي الْخَبَرِ: " مَنْ يَتَأَلَّ عَلَى اللَّهِ يُكَذِّبْهُ ". وَالْأَلِيَّةُ بِوَزْنِ فَعِيلَةِ: الْيَمِينُ، وَجَمْعُهَا أَلَايَا، بِوَزْنِ خَطَايَا، قَالَ كُثَيِّرٌ:

قَلِيلُ الْأَلَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ ... إِذَا صَدَرَتْ مِنْهُ الْأَلِيَّةُ بَرَّتِ

وَكَذَلِكَ الْأَلْوَةُ بِسُكُونِ اللَّامِ وَتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] . وَكَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَآنِ: " يُقْسِمُونَ ". الْآيَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الَّذِينَ يُؤْلُونَ: يَحْلِفُونَ. حَكَاهُ عَنْ أَحْمَدَ وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا طَلَبَ الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ شَيْئًا فَأَبَتْ أَنْ تُطِيعَهُ حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَيَدَعُهَا لَا أَيِّمًا وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِلْمُسْلِمِينَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ جَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ، وَكَانَ الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَذَكَرَهُ أَحْمَدُ فِي الظِّهَارِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَقَتَادَةَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّرْعَ غَيَّرَ حُكْمَهُ الَّذِي كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ.

(وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ) هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَى الْإِيلَاءِ شَرْعًا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِحَلِفِ الزَّوْجِ بِاللَّهِ تَعَالَى، أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ الزَّوْجَةِ فِي الْقُبُلِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْمُدَّةِ، وَهَذَا لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي حَقِيقَتِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ شُرُوطٌ، وَالْأَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>