للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَزِمتهُ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ وَإِنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ أَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَجِبُ عَلَيْهِ إِذَا أَطَاقَهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَقَالَهُ عَطَاءٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْمُمَيِّزُ، وَحَدَّ ابْنُ أَبِي مُوسَى طَاقَتَهُ بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إِذَا أَطَاقَ الْغُلَامُ صِيَامَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ صِيَامُ رَمَضَانَ» رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، أَشْبَهَتِ الصَّلَاةَ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُ مَنْ بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ وَأَطَاقَهُ، قَالَ الْخِرَقِيُّ: يُؤْخَذُ بِهِ إِذَنْ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ. قَالَ الْقَاضِي: هُوَ عِنْدِي رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ، وَحَمَلَ مَا رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ، عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَكَالْحَجِّ، وَحَدِيثُهُمْ مُرْسَلٌ، وَيُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ وَسَمَّاهُ وَاجِبًا تَأْكِيدًا، وَفِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْقُدْرَةِ مِنْ شُرُوطِهِ، فَلِأَنَّ الْعَاجِزَ عَنِ الشَّيْءِ لَا يُكَلَّفُ بِهِ لِلنَّصِّ.

[إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِالرُّؤْيَةِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَزِمَهُمُ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ]

(وَإِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ بِالرُّؤْيَةِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ لَزِمَهُمُ الْإِمْسَاكُ) لِتَعَذُّرِ إِمْسَاكِ الْجَمِيعِ فَوَجَبَ أَنْ يَأْتُوا بِمَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ، وَكَمَا لَوْ تَعَمَّدُوا الْأَكْلَ فِي يَوْمٍ آخَرَ مِنْهُ، (وَالْقَضَاءُ) فَلِثُبُوتِهِ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَمْ يَأْتُوا فِيهِ بِصَوْمٍ صَحِيحٍ فَلَزِمَهُمْ قَضَاؤُهُ لِلنَّصِّ، وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةَ: لَا يَلْزَمُ الْإِمْسَاكُ كَالْمُسَافِرِ إِذَا قَدِمَ، وَغَلِطَ الْمُؤَلِّفُ بِأَقَلِّهَا وَخَرَجَ فِي " الْمُغْنِي " عَلَى قَوْلِ عَطَاءٍ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ، وَقَدْ طَلَعَ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُمْسِكُ وَلَا يَقْضِي، وَكَمَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِالرُّؤْيَةِ إِلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ.

(وَإِنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ أَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ فَكَذَلِكَ) أَيْ: إِذَا صَارَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ مِنْهُ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ، لَزِمَهُ إِمْسَاكُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَضَاؤُهُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " لِأَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِإِمْسَاكِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، وَلِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ بِالرُّؤْيَةِ، وَلِإِدْرَاكِهِ جُزْءًا مِنْ وَقْتِهِ كَالصَّلَاةِ، (وَعَنْهُ: لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ) أَيْ: لَا إِمْسَاكٌ، لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْ أَكَلَ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلْيَأْكُلْ آخِرَهُ وَلِأَنَّهُ أُبِيحَ لَهُمْ فِطْرُ أَوَّلِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>