بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَجِبُ بِهِ، وَتَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَيُقَرُّونَ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْمُحَرَّمَةِ مَا اعْتَقَدُوا حِلَّهَا، وَلَمْ يَرْتَفِعُوا إِلَيْنَا، وَعَنْهُ فِي مَجُوسِيٍّ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً، أَوِ اشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً: يَحُولُ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ، فَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَى نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ، وَإِنْ أَسْلَمُوا، أَوْ تَرَافَعُوا إِلَيْنَا فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ، لَمْ نُمْضِهِ إِلَّا عَلَى
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
دَوَامِهِ ; لِأَنَّهَا لَوْ دَعَتْ وَلِيَّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا بِعَبْدٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إِجَابَتُهَا، وَلَوْ عُتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ لَمْ يَمْلِكْ إِجْبَارَهَا عَلَى الْفَسْخِ.
[بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ]
[حُكْمُ أَنْكِحَةِ الْكُفَّارِ]
بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ (وَحُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَجِبُ بِهِ، وَتَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ) أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ يَتَعَلَّقُ بِهَا أَحْكَامُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ: مِنْ وُقُوعِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَوُجُوبِ الْمَهْرِ وَالْقَسْمِ وَالْإِبَاحَةِ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَالْإِحْصَانِ، وَكَذَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ ; لِأَنَّهُ طَلَاقٌ عَاقِلٌ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَوَقَعَ كَطَلَاقِ الْمُسْلِمِ، وَدَلِيلُ صِحَّتِهِ قَوْله تَعَالَى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: ٤] و {امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ} [التحريم: ١١] وَحَقِيقَةُ الْإِضَافَةِ تَقْتَضِي زَوْجِيَّةً صَحِيحَةً ; وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ، لَا مِنْ سِفَاحٍ» وَإِذَا ثَبَتَ صِحَّتُهَا ثَبَتَ أَحْكَامُهَا كَأَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَعَلَى هَذَا لَوْ طَلَّقَ الْكَافِرُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَأَصَابَهَا ثُمَّ أَسْلَمَا، لَمْ يُقَرَّا عَلَيْهِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، ثُمَّ أَسْلَمَا، فَهِيَ عِنْدُهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَمَا ذُكِرَ فِي بَابِهِ.
(وَيُقَرُّونَ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْمُحَرَّمَةِ مَا اعْتَقَدُوا حِلَّهَا) فِي شَرْعِهِمْ (وَلَمْ يَرْتَفِعُوا إِلَيْنَا) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ ; لِأَنَّهُ أَسْلَمَ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَأَقَرَّهُمْ عَلَى أَنْكِحَتِهِمْ، وَلَمْ يَكْشِفْ عَنْ كَيْفِيَّتِهَا خُصُوصًا أَهْلَ هَجَرَ ; لِعِلْمِهِ أَنَّهُمْ يَسْتَبِيحُونَ نِكَاحَ مَحَارِمِهِمْ ; وَلِأَنَّ مَا لَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ لَيْسَ مِنْ دِينِهِمْ، فَلَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ كَالزِّنَا، قَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ عَقَدَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ: إِنَّهُ يُقَرُّ مَا لَمْ يَرْتَفِعُوا إِلَيْنَا (وَعَنْهُ فِي مَجُوسِيٍّ تَزَوَّجَ كِتَابِيَّةً واشْتَرَى نَصْرَانِيَّةً: يَحُولُ بَيْنَهُمَا الْإِمَامُ) ; لِأَنَّهُ لَا مَسَاغَ لَهُ عِنْدَنَا ; وَلِأَنَّ عَلَيْنَا ضَرَرًا فِي ذَلِكَ بِتَحْرِيمِ أَوْلَادِ النَّصْرَانِيَّةِ عَلَيْنَا ; وَلِأَنَّهُ نِكَاحٌ فَاسِدٌ، أَشْبَهَ نِكَاحَ الْمُسْلِمِ الْفَاسِدِ (فَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَى نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ) وَأَنْ يُحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ نِكَاحِ مَحَارِمِهِمْ ; لِقَوْلِ عُمَرَ: فَرِّقُوا بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute