للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِإِقْرَارٍ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَبْدَأَ الْإِمَامُ.

وَمَتَى رَجَعَ الْمُقِرُّ بِالْحَدِّ عَنْ إِقْرَارِهِ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ لَمْ يُتَمَّمْ، وَإِنْ رُجِمَ بِبَيِّنَةٍ فَهَرَبَ لَمْ يُتْرَكْ، وَإِنْ كَانَ بِإِقْرَارٍ تُرِكَ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ قَوْلِ مَاعِزٍ: رُدُّونِي إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ قَوْمِي غَرُّونِي، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَحْضُرْ رَجْمَهُ، فَبِهَذَا أَقُولُ، وَحُضُورُ طَائِفَةٍ وَلَوْ وَاحِدًا ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ، وَاخْتَارَ فِي الْبُلْغَةِ اثْنَانِ، لِأَنَّ الطَّائِفَةَ الْجَمَاعَةُ، وَأَقَلُّهَا اثْنَانِ، نَقَلَ أَبُو دَاوُدَ يَجِيءُ النَّاسُ صُفُوفًا لَا يَخْتَلِطُونَ، ثُمَّ يَمْضُونَ صَفًّا صَفًّا، وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّ الطَّائِفَةَ تُطْلَقُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ} [النور: ٢] لِأَنَّهُ أَوَّلُ شُهُودِ الزِّنَا (وَإِنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ اسْتُحِبَّ أَنْ يَبْدَأَ الْإِمَامُ بِهِ) أَوْ مَنْ يُقِيمُهُ

[رُجُوعُ الْمُقِرِّ بِالْحَدِّ عَنْ إِقْرَارِهِ]

(وَمَتَى رَجَعَ الْمُقِرُّ بِالْحَدِّ) أَيْ: بِحَدِّ الزِّنَا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ شُرْبٍ (عَنْ إِقْرَارِهِ قُبِلَ مِنْهُ) أَيْ: يُشْتَرَطُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ بِالْإِقْرَارِ الْبَقَاءُ عَلَيْهِ إِلَى تَمَامِ الْحَدِّ، فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَهُ كُفَّ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَجَابِرٍ وَنُعَيْمٍ وَنَصْرِ بْنِ دَهْرٍ وَغَيْرِهِمْ «أَنَّ مَاعِزًا لَمَّا هَرَبَ، وَقَالَ لَهُمْ: رُدُّونِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: فَهَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ» وَلِأَنَّ رُجُوعَهُ شُبْهَةٌ، وَكَالْبَيِّنَةِ إِذَا رَجَعَتْ قَبْلَ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فِي الزِّنَا فَقَطْ، وَقِيلَ: يُقْبَلُ رُجُوعُ مُقِرٍّ بِمَالٍ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: إِذَا تُمِّمَ ضَمِنَ الرَّاجِعُ بِالْمَالِ لَا الْهَارِبُ، وَلَا قَوَدَ لِلِاخْتِلَافِ فِي صِحَّةِ الرُّجُوعِ، وَكَانَ شُبْهَةً (وَإِنْ رَجَعَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ لَمْ يُتَمَّمْ) لِأَنَّ جَمِيعَهُ يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ، فَلَأَنْ يَسْقُطَ تَمَامُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (وَإِنْ رُجِمَ بِبَيِّنَةٍ فَهَرَبَ لَمْ يُتْرَكْ) لِأَنَّهُ ثَبَتَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ، أَشْبَهَ سَائِرَ الْأَحْكَامِ (وَإِنْ كَانَ بِإِقْرَارٍ تُرِكَ) لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ» فَإِنْ لَمْ يُتْرَكْ، وَقِيلَ: فَلَا ضَمَانَ، لِقِصَّةِ مَاعِزٍ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي رُجُوعِهِ، فَإِنْ قَالَ: رُدُّونِي إِلَى الْحَاكِمِ وَجَبَ رَدُّهُ، وَلَمْ يَجُزْ إِتْمَامُ الْحَدِّ، فَإِنْ أُتِمَّ فَلَا ضَمَانَ، لِمَا ذُكِرَ فِي هَرَبِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>