الْمَغْصُوبُ فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ إِلَى وَقْتِ تَلَفِهِ، وَإِنْ غَصَبَ شَيْئًا فَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ فَأَدَّى قِيمَتَهُ فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ إِلَى وَقْتِ أَدَاءِ الْقِيمَةِ، وَفِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ.
فَصْلٌ
وَتَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةُ، كَالْحَجِّ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَالْعُقُودِ كَالْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ، وَنَحْوِهَا بَاطِلَةٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى صَحِيحَةٌ، فَإِنِ اتَّجَرَ بِالدَّرَاهِمِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ يُؤَكِّدُهُ مَا (قَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ) لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ مَاتَ قَبْلَ أَحْمَدَ بِعِشْرِينَ سَنَةً.
(وَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ إِلَى وَقْتِ تَلَفِهِ) لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّلَفِ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَنْفَعَةٌ فَلَمْ يَجِبْ ضَمَانُهَا، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ (وَإِنْ غَصَبَ شَيْئًا فَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ فَأَدَّى قِيمَتَهُ فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهُ إِلَى وَقْتِ أَدَاءِ الْقِيمَةِ) لِأَنَّ مَنَافِعَهَا إِلَى وَقْتِ أَدَائِهَا مَمْلُوكَةٌ لِصَاحِبِهَا، فَلَزِمَهُ ضَمَانُهَا (وَفِيمَا بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ أَدَاءِ الْقِيمَةِ إِلَى رَدِّهِ (وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الِانْتِفَاعَ بِبَدَلِهِ الَّذِي أُقِيمَ مَقَامَهُ فَلَمْ يَسْتَحِقَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَبِمَا قَامَ مَقَامَهُ، وَالثَّانِي بَلَى؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ وَالْمَنْفَعَةَ لَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَضْمَنُ رَائِحَةَ مِسْكٍ وَنَحْوَهُ، خِلَافًا لِلِانْتِصَارِ لَا نَقْدًا لِتِجَارَةٍ.
[فَصْلُ تَصَرُّفَاتِ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةُ]
فَصْلٌ (وَتَصَرُّفَاتُ الْغَاصِبِ الْحُكْمِيَّةُ) هِيَ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ لِتَصَرُّفَاتِ، وَالْحُكْمِيَّةُ: مَا كَانَ لَهَا حُكْمٌ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ، فَالصَّحِيحُ مِنَ الْعِبَادَةِ مَا أَجَزَأَ فَاعِلُهُ أَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْقَضَاءَ، وَفِي الْعُقُودِ مَا تَرَتَّبَ أَثَرُهُ عَلَيْهِ مِنَ الِانْتِفَاعِ فِي الْبَيْعِ وَالِاسْتِمْتَاعِ فِي النِّكَاحِ، وَالْفَاسِدُ وَهُوَ الْبَاطِلُ مَا لَيْسَ كَذَلِكَ (كَالْحَجِّ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ) كَالطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ (وَالْعُقُودِ كَالْبَيْعِ، وَالنِّكَاحِ، وَنَحْوِهَا) كَالْإِجَارَةِ (بَاطِلَةٌ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّصَرُّفَ تَصَرُّفُ الْفُضُولِيِّ، وَالصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ بَاطِلٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ (وَالْأُخْرَى صَحِيحَةٌ) مُطْلَقًا، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ تَطُولُ مُدَّتُهُ غَالِبًا، وَتَكْثُرُ تَصَرُّفَاتُهُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute