للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى طَعَامِ إِنْسَانٍ، أَوْ شَرَابِهِ، وَلَيْسَ بِهِ مِثْلُ ضَرُورَتِهِ فَمَنَعَهُ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَخَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو الْخَطَّابِ كُلُّ مَنْ أَمْكَنَهُ إِنْجَاءُ إِنْسَانٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ، فَلَمْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَنْبِيهٌ: نَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّ سِتَّةً تَعَاطَوْا فِي الْفَوَاتِ فَمَاتَ وَاحِدٌ، فَرُفِعَ إِلَى عَلِيٍّ فَشَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَثَلَاثَةٌ عَلَى اثْنَيْنِ، فَقَضَى بِخُمُسِ الدِّيَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَثَلَاثَةِ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ عَلَى الِاثْنَيْنِ، ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِنْ نَامَ عَلَى سَطْحِهِ فَهَوَى سَقْفُهُ مِنْ تَحْتِهِ عَلَى قَوْمٍ، لَزِمَهُ الْمُكْثُ، كَمَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ فِيمَنْ أُلْقِيَ فِي مَرْكَبِهِ نَارٌ، وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِسُقُوطِهِ ; لِأَنَّهُ مُلْجَأٌ لَمْ يَتَسَبَّبْ، وَإِنْ تَلِفَ شَيْءٌ بِدَوَامِ مُكْثِهِ، أَوْ بِانْتِقَالِهِ - ضَمِنَهُ، وَاخْتَارَ فِي التَّائِبِ الْعَاجِزِ عَنْ مُفَارَقَةِ الْمَعْصِيَةِ فِي الْحَالِ، أَوِ الْعَاجِزِ عَنْ إِزَالَةِ أَثَرِهَا كَمُتَوَسِّطِ الْمَكَانِ الْمَغْصُوبِ وَمُتَوَسِّطِ الْجَرْحَى تَصِحُّ تَوْبَتُهُ مَعَ الْعَزْمِ وَالنَّدَمِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَاصِيًا بِخُرُوجِهِ مِنَ الْغَصْبِ.

[مَنْ أَمْكَنَهُ إِنْجَاءُ إِنْسَانٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْ]

(وَمَنِ اضْطُرَّ إِلَى طَعَامِ إِنْسَانٍ، أَوْ شَرَابِهِ، وَلَيْسَ بِهِ مِثْلُ ضَرُورَتِهِ فَمَنَعَهُ حَتَّى مَاتَ ضَمِنَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَهْلَ أَبْيَاتٍ فَاسْتَسْقَاهُمْ، فَلَمْ يَسْقُوهُ حَتَّى مَاتَ فَأَغْرَمَهُمْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الدِّيَةَ. حَكَاهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَقَالَ: أَقُولُ بِهِ، قَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي رُؤُوسِ مَسَائِلِهِ: وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ، وَلِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إِلَى هَلَاكِهِ بِمَنْعِهِ مَا يَسْتَحِقُّهُ فَضَمِنَهُ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ طَعَامَهُ حَتَّى هَلَكَ وَكَأَخْذِهِ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ عَاجِزٌ، فَيَتْلَفُ، أَوْ دَابَّتُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ عَلَى مَانِعِ الطَّعَامِ ; لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ الْفِعْلَ الَّذِي يَقْتُلُ مِثْلُهُ غَالِبًا، وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ عَلَى عَاقِلَتِهِ ; لِأَنَّهُ قَتْلٌ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ، فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ، وَشَرْطُهُ الطَّلَبُ مِنْ مَالِكِهِ، صَرَّحَ بِهِ فِي " الْفُرُوعِ " وَغَيْرِهِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَسَبَّبْ إِلَى هَلَاكِهِ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ بِهِ مِثْلُ ضَرُورَتِهِ فَطَلَبَ مِنْهُ فَمَنَعَهُ فَمَاتَ - لَمْ يَضْمَنْهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ طَعَامِهِ فِي هَذَا الْحَالِ، وَمِثْلُ الْأَوَّلِ لَوْ أَخَذَ مِنْهُ تُرْسًا يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ ضَرْبًا، ذَكَرَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " (وَخَرَجَ عَلَيْهِ أَبُو الْخَطَّابِ) وَحَكَاهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " عَنِ الْأَصْحَابِ (كُلُّ مَنْ أَمْكَنَهُ إِنْجَاءُ إِنْسَانٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ، فَلَمْ يَفْعَلْ) حَتَّى هَلَكَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>