يَفْعَلْ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَهُ، وَمَنْ أَفْزَعَ إِنْسَانًا فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَتِهِ، وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْقُدْرَةِ عَلَى سَلَامَتِهِ، وَخَلَاصِهِ مِنَ الْمَوْتِ، قَالَ فِي " الْفُرُوعِ " وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ ضَمَانَهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، فَدَلَّ أَنَّهُ مَعَ الطَّلَبِ وَفَرَّقَ الْمُؤَلِّفُ، فَقَالَ: (وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَهُ) لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَتَسَبَّبْ إِلَى هَلَاكِهِ، فَلَمْ يَضْمَنْهُ، بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا، فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ فَدَلَّ أَنَّ كَلَامَهُمْ عِنْدَهُ، وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهُ، فَإِنْ كَانَ مُرَادَهُمْ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، نَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى فِيمَنْ مَاتَ فَرَسُهُ فِي غَزَاةٍ: لَمْ يَلْزَمْ مَنْ مَعَهُ فَضْلُ حَمْلِهِ، نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: يُذَكِّرُ النَّاسَ، فَإِنْ حَمَلُوهُ وَإِلَّا مَضَى مَعَهُمْ.
(وَمَنْ أَفْزَعَ إِنْسَانًا) أَوْ ضَرَبَهُ (فَأَحْدَثَ بِغَائِطٍ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَتِهِ) قَضَى بِذَلِكَ عُثْمَانُ، قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَعْلَمُ شَيْئًا يَدْفَعُهُ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ ; لِأَنَّهُ فِعْلٌ تَعَدَّى فِيهِ، اقْتَضَى خُرُوجَ الْحَدَثِ فَتَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ كَمَا لَوِ اسْتَكْرَهَ امْرَأَةً فَأَفْضَاهَا فَاسْتَطْلَقَ الْحَدَثُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إِنَّمَا ذَهَبَ إِلَى قَضِيَّةِ عُثْمَانَ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ فَدَلَّ عَلَى التَّوْقِيفِ ; لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ إِذَا أَحْدَثَ بِغَيْرِ الْغَائِطِ لَا شَيْءَ فِيهِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْبَوْلَ كَذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِمَا، وَزَادَ الْقَاضِي: وَالرِّيحُ، وَفَرَّقَ فِي " الشَّرْحِ " بَيْنَ الرِّيحِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُمَا أَفْحَشُ مِنْهُ (وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ) جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ لِإِزَالَةِ مَنْفَعَةٍ، أَوْ عُضْوٍ، أَوْ آلَةِ جَمَالٍ، وَلَيْسَ هُنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ فِي " الشَّرْحِ ": وَهَذَا هُوَ قِيَاسُ، وَالْمُرَادُ مَا لَمْ يَدُمْ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: إِنْ دَامَ فَثُلُثُ دِيَةٍ.
فَرْعٌ: إِذَا وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً كَبِيرَةً مُطَاوِعَةً، وَلَا شُبْهَةَ، أَوِ امْرَأَتَهُ، وَمِثْلُهَا تُوطَأُ لِمِثْلِهِ فَأَفْضَاهَا بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ، وَالْمَنِيِّ، أَوْ بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ فَهَدَرٌ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الزِّيَادَةِ، وَهُوَ حَقٌّ لَهُ، أَيْ: لَهُ طَلَبُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، بِخِلَافِ أَجِيرٍ مُشْتَرَكٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute