بَابُ الضَّمَانِ وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةِ الضَّامِنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي الْتِزَامِ الْحَقِّ.
وَلِصَاحِبِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[بَابُ الضَّمَانِ] [تَعْرِيفُ الضمان وَحُكْمُهُ]
وَهُوَ ثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَسَنَدُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢] ، وَالزَّعِيمُ الْكَفِيلُ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَيُقَالُ فِيهِ أَيْضًا: ضَمِينٌ وَكَفِيلٌ وَقَبِيلٌ وَحَمِيلٌ وَصَبِيرٌ وَهِيَ بِمَعْنًى. وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
(وَهُوَ ضَمُّ ذِمَّةِ الضَّامِنِ إِلَى ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فِي الْتِزَامِ الْحَقِّ) ، فَعَلَى هَذَا الضَّمَانُ مُشْتَقٌّ مِنَ الضَّمِّ، وَرُدَّ بِأَنَّ لَامَ الْكَلِمَةِ فِي الضَّمِّ مِيمٌ، وَفِي الضَّمَانِ نُونٌ، وَشَرْطُ صِحَّةِ الِاشْتِقَاقِ تَوَافُقُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي الْحُرُوفِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنَ الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ، وَهُوَ الْمُشَارَكَةُ فِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ مَعَ مُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى.
وَقَالَ الْقَاضِي: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ التَّضَمُّنِ؛ لِأَنَّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ تَتَضَمَّنُ الْحَقَّ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الضِّمْنِ، فَذِمَّةُ الضَّامِنِ فِي ضِمْنِ ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِاشْتِقَاقِ وَعَرَّفَهُ الْمَجْدُ بِأَنَّهُ الْتِزَامُ الْإِنْسَانِ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنَ الْمَدْيُونِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِمَانِعٍ لِدُخُولِ كُلِّ مَنْ لَمْ يَصِحَّ تَبَرُّعُهُ فِيهِ، وَلَا جَامِعَ لِخُرُوجِ ضَمَانِ مَا لَمْ يَجِبْ، وَالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ وَدَيْنِ الْمَيِّتِ إِنْ بَرِئَ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ عَلَى رِوَايَةٍ، وَفِي " الْوَجِيزِ " الْتِزَامُ الرَّشِيدِ مَضْمُونًا فِي يَدِ غَيْرِهِ، أَوْ ذِمَّتِهِ حَالًّا، أَوْ مَآلًا عَلَى وَجْهٍ يَؤُولُ إِلَى اللُّزُومِ، وَهُوَ أَشْمَلُ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ.
وَفِي " الْفُرُوعِ "، وَهُوَ الْتِزَامُ مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ مَا وَجَبَ عَلَى غَيْرِهِ مَعَ بَقَائِهِ، وَقَدْ لَا يَبْقَى، وَهُوَ دَيْنُ الْمَيِّتِ، وَمَا قَدْ يَجِبُ.
تَنْبِيهٌ: لَا بُدَّ فِي الضَّمَانِ مِنْ ضَامِنٍ، وَمَضْمُونٍ عَنْهُ، وَلَهُ وَيَصِحُّ بِالْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ لَا بِقَوْلِهِ: أُؤَدِّي إِلَيْكَ، أَوْ أُحْضِرُ.
قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": بَلْ بِالْتِزَامِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute