يَدًا، قُطِعَتْ يَدُهُ أَوَّلًا، ثُمَّ حُدَّ لِلْقَذْفِ ثُمَّ لِلشُّرْبِ ثُمَّ لِلزِّنَا، وَلَا يُسْتَوْفَى حَدٌّ حَتَّى يَبْرَأَ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ.
فَصْلٌ وَمَنْ قَتَلَ أَوْ أَتَى حَدًّا خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ لَجَأَ إِلَيْهِ، لَمْ يُسْتَوْفَ مِنْهُ فِيهِ، وَلَكِنْ لَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تُفَوِّتَ نَفْسَهُ قَبْلَ الْقِصَاصِ، فَيَفُوتَ حَقُّ الْآدَمِيِّ، وَلِأَنَّ الْعَفْوَ جَائِزٌ، فَيُحْتَمَلُ بِتَأْخِيرِهِ أَنْ يَعْفُوَ الْوَلِيُّ فَيَحْيَى.
الثَّالِثُ: أَنْ يَتَّفِقَ الْحَقَّانِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ كَالْقَتْلِ وَالْقَطْعِ قِصَاصًا، قُدِّمَ الْقِصَاصُ عَلَى الرَّجْمِ فِي الزِّنَا، وَيُبْدَأُ بِالْأَسْبَقِ مِنَ الْقَتْلِ فِي الْمُحَارَبَةِ وَالْقِصَاصِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَقُّ آدَمِيٍّ، وَإِنْ سَبْقَ الْقِصَاصُ قُتِلَ قِصَاصًا وَلَمْ يُصْلَبْ، كَمَا لَوْ مَاتَ وَيَجِبُ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ فِي الْمُحَارَبَةِ دِيَتُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْقَاتِلُ فِي الْمُحَارَبَةِ وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِي تَرِكَتِهِ، وَقُدِّمَ الْقِصَاصُ عَلَى الْحَدِّ الْمُتَمَحِّضِ فِي الْقَطْعِ، وَلَوْ تَأَخَّرَ سَبَبُهُ، فَإِنْ عَفَا وَلِيُّ الْجِنَايَةِ اسْتَوْفَى الْحَدَّ، وَالْقَطْعُ فِي الْمُحَارَبَةِ حَدٌّ مَحْضٌ، وَلَيْسَ بِقِصَاصٍ، وَالْقَتْلُ يَتَضَمَّنُ الْقِصَاصَ، وَلِهَذَا لَوْ فَاتَ الْقَتْلُ فِي الْمُحَارَبَةِ وَجَبَتِ الدِّيَةُ، وَلَوْ فَاتَ الْقَطْعُ لَمْ يَجِبْ لَهُ (بَدَلٌ فَإِذَا زَنَى وَشَرِبَ وَقَذَفَ وَقَطَعَ يَدًا، قُطِعَتْ يَدُهُ أَوَّلًا) لِأَنَّهُ مُتَمَحِّضُ حَقِّ آدَمِيٍّ، بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ (ثُمَّ حُدَّ لِلْقَذْفِ) لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي كَوْنِهِ لِآدَمِيٍّ (ثُمَّ لِلشُّرْبِ) لِأَنَّهُ أَخَفُّ (ثُمَّ لِلزِّنَا) لِأَنَّهُ أَشَدُّ الْحُدُودِ، وَفِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ: إِذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ قَتْلَانِ بِرِدَّةٍ وَقَوَدٍ، وَقَطْعَانِ بِسَرِقَةٍ وَقَوَدٍ، قُطِعَ وَقُتِلَ لَهُمَا، وَقِيلَ: لِلْقَوَدِ خَاصَّةً، وَفِي الشَّرْحِ: إِذَا سَرَقَ وَقَتَلَ فِي الْمُحَارَبَةِ، وَلَمْ يَأْخُذِ الْمَالَ قُتِلَ حَتْمًا وَلَمْ يُصْلَبْ وَلَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ (وَلَا يُسْتَوْفَى حَدٌّ حَتَّى يَبْرَأَ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ) لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إِلَى تَلَفِهِ بِتَوَالِي الْحُدُودِ عَلَيْهِ.
[الْقَتْلُ وَإِتْيَانُ الْحَدِّ خَارِجُ الْحَرَمِ]
فَصْلٌ (وَمَنْ قَتَلَ) أَوْ جَرَحَ (أَوْ أَتَى حَدًّا خَارِجَ الْحَرَمِ) أَيْ: حَرَمِ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ لِلنَّصِّ، وَفِي التَّعْلِيقِ وَجْهٌ: أَنَّ حَرَمَ الْمَدِينَةِ كَمَكَّةَ، لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا، قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute