للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا، أَوْ أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ، فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِنْ أَسْلَمَتِ الْكِتَابِيَّةُ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ - غَيْرُ الْكِتَابِيِّينَ - قَبْلَ الدُّخُولِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةَ، فَلَا مَهْرَ لَهَا، وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا، فَلَهَا نِصْفُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[الزَّوْجَيْنِ إِذَا أَسْلَمَا مَعًا]

فَصْلٌ (وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا) بِأَنْ تَلَفَّظَا بِالْإِسْلَامِ دَفْعَةً وَاحِدَةً، فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا إِجْمَاعًا ; لِأَنَّ اخْتِلَافَ الدِّينِ مُفْسِدٌ لِلنِّكَاحِ بِمُجَرَّدِ سَبْقِ أَحَدِهِمَا، وَقِيلَ: يَقِفُ عَلَى الْمَجْلِسِ بِدَلِيلِ الْقَبْضِ ; لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى النُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْإِسْلَامِ مَعًا مُتَعَذِّرٌ، فَلَوِ اعْتُبِرَ ذَلِكَ لَوَقَعَتِ الْفُرْقَةُ بَيْنَ كُلِّ مُسْلِمَيْنِ إِلَّا فِي الشَّاذِّ النَّادِرِ (أَوْ أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ) سَوَاءٌ كَانَ كِتَابِيًّا أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ - قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا) ; لِأَنَّ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُ، فَالِاسْتِمْرَارُ أَوْلَى (وَإِنْ أَسْلَمَتِ الْكِتَابِيَّةُ أَوْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ غَيْرُ الْكِتَابِيِّينَ) كَالْوَثَنِيِّينَ وَالْمَجُوسِيِّينَ (قَبْلَ الدُّخُولِ - يُفْسَخُ النِّكَاحُ) ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: ١٠] {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠] إِذْ لَا يَجُوزُ لِكَافِرٍ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ; وَلِأَنَّ دِينَهَما اخْتَلَفَ، فَلَمْ يَجُزِ اسْتِمْرَارُهُ كَابْتِدَائِهِ، وَتَعَجَّلَتِ الْفُرْقَةَ، وَكَانَ ذَلِكَ فَسْخًا لَا طَلَاقًا كَالرِّدَّةِ (فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةَ فَلَا مَهْرَ لَهَا) رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " ; لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا، أَشْبَهَ مَا لَوِ ارْتَدَّتْ، وَعَنْهُ: لَهَا نَصِفُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ ; لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حَصَلَتْ مِنْهُ بِامْتِنَاعِهِ مِنَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ فَعَلَتِ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّتْ، وَفَرَّقَ الْمُؤَلِّفُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ إِنَّ التَّعْلِيقَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُ لَا أَثَرَ لَهُ فِيهِ الْبَتَّةَ، وَعَنْهُ: إِنْ سَبَقَهَا، اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ (وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا، فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ) عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حَصَلَتْ مِنْ جِهَتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا (وَعَنْهُ: لَا مَهْرَ لَهَا) ; لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حَصَلَتْ بِتَأَخُّرِهَا عَنِ الْإِسْلَامِ، فَكَانَ مِنْ جِهَتِهَا ; وَلِأَنَّ فِي إِيجَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>