وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى صَحِيحًا، أَوْ فَاسِدًا قَبَضَتْهُ، اسْتَقَرَّ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا لَمْ تَقْبِضْهُ، فُرِضَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْمُغْنِي "، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": لَا يُقَرُّونَ (وَإِنْ كَانَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى صَحِيحًا) قُبِضَ أَوْ لَمْ يُقْبَضْ (أَوْ فَاسِدًا قَبَضَتْهُ، اسْتَقَرَّ) ; لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ إِلَى مَا فَعَلُوهُ يُؤَكِّدُهُ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: ٢٧٥] ; وَلِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلْمَقْبُوضِ بِإِبْطَالِهِ يُسْبَقُ ; لِتَطَاوُلِ الزَّمَانِ، وَكَثْرَةِ تَصَرُّفَاتِهِمْ فِي الْحَرَامِ ; وَلِأَنَّ فِي التَّعَرُّضِ إِلَيْهِمْ تَنْفِيرًا لَهُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَعُفِيَ عَنْهُ كَمَا عُفِيَ عَمَّا تَرَكُوهُ مِنَ الْفَرَائِضِ ; وَلِأَنَّهُمْ تَقَابَضُوا بِحُكْمِ الشِّرْكِ، فَبَرِئَتْ ذِمَّةُ مَنْ عَلَيْهِ مِنْهُ، كَمَا لَوْ تَبَايَعُوا بَيْعًا فَاسِدًا وَتَقَابَضُوا (وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا) كَالْخَمْرِ (لَمْ تَقْبِضْهُ) وَلَمْ يُسَمَّ لَهَا شَيْءٌ (فُرِضَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) ; لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي التَّسْمِيَةِ الْفَاسِدَةِ إِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ مُسْلِمَةً، فَكَذَا الْكَافِرَةُ ; وَلِأَنَّ الْخَمْرَ لَا قِيمَةَ لَهَا فِي الْإِسْلَامِ، فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَعَنْهُ: لَا شَيْءَ لَهَا فِي خَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ مُعَيَّنٍ، وَلَهَا فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ قِيمَتُهُ، ذَكَرَهَا الْقَاضِي، فَلَوْ أَسْلَمَا فَانْقَلَبَتْ خَلًّا وَطَلَّقَ، فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِهِ وَجْهَانِ، وَلَوْ تَلِفَ الْخَلُّ ثُمَّ طَلَّقَ، فَفِي رُجُوعِهِ بِنِصْفِ مِثْلِهِ احْتِمَالَانِ.
فَرْعٌ: إِذَا قَبَضَتْ بَعْضَ الْمُسَمَّى الْفَاسِدِ، وَجَبَ قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَتُعْتَبَرُ الْحِصَّةُ فِيمَا يَدْخُلُهُ الْكَيْلُ أَوِ الْوَزْنُ بِهِ، وَفِي مَعْدُودٍ قِيلَ: بِعَدِّهِ، وَقِيلَ: بِقِيمَتِهِ عِنْدَهُمْ، وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ مِنْ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ مَهْرًا قَبَضَتْهُ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَحْمَدُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ تَكُونُ تَحْتَ أَخِيهَا أَوْ أَبِيهَا، فَيُطَلِّقُهَا أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا، فَتُرْفَعُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ -: لَا مَهْرَ لَهَا ; لِأَنَّهُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَهَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ؟ يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُسْلِمِ إِذَا وَطِئَ امْرَأَةً مِنْ مَحَارِمِهِ بِشُبْهَةٍ، انْتَهَى. فَلَوْ تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً عَلَى أَنْ لَا صَدَاقَ لَهَا أَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِهِ، فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِفَرْضِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَعْدَهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute