الْمَعْزُولُ: كُنْتُ حَكَمْتُ فِي وِلَايَتِي لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِحَقٍّ. قَبْلَ قَوْلِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَقْبَلَ.
وَإِنِ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ غَيْرِ بَرْزَةٍ، لَمْ يُحْضِرْهَا وَأَمَرَهَا بِالتَّوْكِيلِ، وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْيَمِينُ أَرْسَلَ إِلَيْهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا.
وَإِن ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ عَنِ الْبَلَدِ فِي مَوْضِعٍ لَا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كُنْتُ حَكَمْتُ فِي وِلَايَتِي لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ بِحَقٍّ. قَبِلَ قَوْلَهُ) إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَسُوغُ لَهُ الْحُكْمُ، نَصَّ عَلَيْهِ. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ: مَا لَمْ يُتَّهَمْ، لِأَنَّ عَزْلَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهِ، كَمَا لَوْ كَتَبَ كِتَابًا إِلَى قَاضٍ آخَرَ ثُمَّ عُزِلَ، وَوَصَلَ الْكِتَابُ بَعْدَ عَزْلِهِ، لَزِمَ الْمَكْتُوبَ إِلَيْهِ قَبُولُ كِتَابِهِ بَعْدَ عَزْلِ كَاتِبِهِ، وَلِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا حَكَمَ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ أَشْبَهَ حَالَ وِلَايَتِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يُقْبَلُ قَوْلَهُ مَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى إِبْطَالِ حُكْمِ حَاكِمٍ. وَهُوَ حَسَنٌ. (وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَقْبَلَ) وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ. ثُمَّ اخْتَلَفُوا، فَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْأَوْزَاعِيُّ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ إِذَا كَانَ مَعَهُ شَاهِدٌ آخَرُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْبَلُ إِلَّا شَاهِدَانِ سِوَاهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ.
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ. كَقَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ وَكَقَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ.
فَأَمَّا إِنْ قَالَ فِي حَالِ وِلَايَتِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ، لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ الْحُكْمَ مَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ، كَالزَّوْجِ إِذَا أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ أَنَّهُ رَأَى كَذَا وَكَذَا فَحَكَمَ بِهِ قُبِلَ.
وَعَلَى الْأَوَّلِ إِذَا قَالَ: حَكَمْتُ بِعِلْمِي، أَوْ بِالنُّكُولِ، أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ. قُبِلَ. وَإِنْ قَالَ: حَكَمْتُ. وَلَمْ يُضِفْهُ إِلَى بَيِّنَةٍ وَلَا غَيْرِهَا قُبِلَ.
[إِنِ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ غَيْرِ بَرْزَةٍ]
(وَإِنِ ادَّعَى عَلَى امْرَأَةٍ غَيْرِ بَرْزَةٍ) أَيْ: لَيْسَتْ مُعْتَادَةً أَنْ تَخْرُجَ فِي حَوَائِجِهَا. (لَمْ يُحْضِرْهَا) لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالضَّرَرِ. (وَأَمَرَهَا بِالتَّوْكِيلِ) لِأَجْلِ فَصْلِ الْخُصُومَةِ، وَلِأَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهَا فَلَا تَبْتَذِلُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى ذَلِكَ. (وَإِنْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْيَمِينُ أَرْسَلَ إِلَيْهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا) لِأَنَّ إِحْضَارَهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَالْيَمِينُ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَهَذَا طَرِيقُهُ. فَيَبْعَثُ أَمِينًا مَعَهُ شَاهِدَانِ فَيَسْتَحْلِفُهَا بِحَضْرَتِهِمَا.
وَذَكَرَ الْقَاضِي: إِنَّ الْحَاكِمَ يَبْعَثُ مَنْ يَقْضِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَرِيمِهَا فِي دَارِهَا.