فَصْلٌ وَيَمَلِكُ الْمُكَاتَبُ أَكْسَابَهُ، وَمَنَافِعَهُ، وَالْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ، وَالْإِجَارَةَ، وَالِاسْتِئْجَارَ، وَالسَّفَرَ، وَأَخْذَ الصَّدَقَةِ، وَالْإِنْفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ، وَكُلَّ مَا فِيهِ صَلَاحُ الْمَالِ، وَإِنْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَرْشُهُ أَوْ قِيمَتُهُ، وَلَا يَرْتَفِعُ الْعِتْقُ) إِذَا بَانَ بِالْعِوَضِ عَيْبٌ فَأَمْسَكَهُ، اسْتَقَرَّ الْعِتْقُ ; لِأَنَّ إِمْسَاكَهُ الْمَعِيبَ رَاضِيًا بِهِ رِضًا مِنْهُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ، فَجَرَى مَجْرَى إِبْرَائِهِ، إِنِ اخْتَارَ إِمْسَاكَهُ، وَأَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ، فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ رَدَّهُ، أَخَذَ عِوَضَهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أَوْ قِيمَتُهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ: إِنْهُ لَا يَبْطُلُ الْعِتْقُ ; لِأَنَّهُ إِتْلَافٌ، فَإِذَا حَكَمَ بِوُقُوعِهِ لَمْ يَبْطُلْ، أَشْبَهَ الْخُلْعَ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَتَوَجَّهُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ، وَيَحْكُمُ بِارْتِفَاعِ الْعِتْقِ ; لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ بِالتَّرَاضِي كَالْمَبِيعِ، أَمَّا إِذَا دَفَعَ مَالَ الْكِتَابَةِ، فَبَانَ مُسْتَحِقًّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَقَعْ ; لِأَنَّ وُجُودَ هَذَا الدَّفْعِ كَعَدَمِهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ.
[يَمْلِكُ الْمُكَاتَبُ أَكْسَابَهُ وَمَنَافِعَهُ وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ]
فَصْلٌ
(وَيَمَلِكُ الْمُكَاتَبُ أَكْسَابَهُ وَمَنَافِعَهُ وَالْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ) بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ لِتَحْصِيلِ الْعِتْقِ، وَلَا يَحْصُلُ إِلَّا بِأَدَاءِ عِوَضِهِ، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ إِلَّا بِالِاكْتِسَابِ وَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ أَقْوَى جِهَاتِ الِاكْتِسَابِ، فَإِنْهُ قَدْ جَاءَ فِي الْأَثَرِ: «أَنَّ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الرِّزْقِ فِي التِّجَارَةِ» (وَالْإِجَارَةَ، وَالِاسْتِئْجَارَ) كَالْبَيْعِ (وَالسَّفَرَ) قَرِيبًا كَانَ أَوْ بَعِيدًا ; لِأَنَّهُ مِنْ أَسْبَابِ الْكَسْبِ، وَقَدْ أَطْلَقَ الْقَوْلَ فِيهِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهُ مِنْ سَفَرٍ تَحِلُّ نُجُومُ كِتَابَتِهِ قَبْلَ قُدُومِهِ، كَالْغَرِيمِ الَّذِي يَحِلُّ الدَّيْنُ عَلَيْهِ قَبْلَ مُدَّةِ سَفَرِهِ (وَأَخْذَ الصَّدَقَةِ) وَاجِبَةً كَانَتْ أَوْ مُسْتَحَبَّةً ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَذِنَ لِلْمُكَاتَبِينَ الْأَخْذَ مِنَ الْوَاجِبَةِ، فَالْمُسْتَحَبَّةُ أَوْلَى (وَالْإِنْفَاقَ عَلَى نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا غِنًى عَنْهُ، وَالْمُرَادُ بِالْوَلَدِ، أَيْ: التَّابِعُ لَهُ كَوَلَدِهِ مِنْ أَمَتِهِ، فَإِنْ عَجَزَ، وَلَمْ يَفْسَخْ سَيِّدُهُ كِتَابَتَهُ، فَتَلْزَمُ النَّفَقَةُ لِسَيِّدِهِ، وَلِلْمُكَاتَبِ النَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ مِنْ أُمِّهِ لِسَيِّدِهِ، وَفِيهِ مِنْ مُكَاتَبِهِ لِسَيِّدِهِ احْتِمَالَانِ (وَكُلَّ مَا فِيهِ صَلَاحُ الْمَالِ) أَيْ: يَمْلِكُ كُلَّ تَصَرُّفٍ فِيهِ صَلَاحُ الْمَالِ كَأَدَاءِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَجَرَيَانِ الرِّبَا بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّهُ صَارَ لِمَا بَذَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute