فَصْلٌ
وَأَوَّلُ من يَنْظُرُ فِيهِ أَمْرُ الْمُحَبَّسِينَ، فَيَبْعَثُ ثِقَةً إِلَى الْحَبْسِ فَيَكْتُبُ اسْمَ كُلِّ مَحْبُوسٍ وَمَنْ حَبَسَهُ وَفِيمَ حَبَسَهُ فِي رُقْعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ، ثُمَّ يُنَادى فِي الْبَلَدِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْمَحُبَّسِينَ غَدًا، فَمَنْ لَهُ فيهم خَصْمٌ فَلْيَحْضُرْ فَإِذَا كَانَ الْغَدُ، وَحَضَرَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ كَالْأَجَانِبِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخَصْمُ مِنْهُمْ أَوْ أَجْنَبِيًّا، ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ، فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بَيْنَ وَالِدَيْهِ أَوْ وَلَدَيْهِ لَمْ يَجُزْ فِي الْأَشْهَرِ. وَقِيلَ: بَلَى ; لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ عِنْدَهُ فَارْتَفَعَتْ تُهْمَةُ الْمَيْلِ، وَلَهُ اسْتِخْلَافُ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ كَحُكْمِهِ لِغَيْرِهِ بِشَهَادَتِهِمَا، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَأَبُو الْوَفَا.
وَزَادَ: إِذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ عَلَيْهِمَا مِنْ ذَلِكَ تُهْمَةٌ وَلَمْ يُوجَبْ لَهُمَا بِقَبُولِ شَهَادَتِهِمَا رِيبَةٌ لَمْ تَثْبُتْ بِطَرِيقِ التَّزْكِيَةِ. وَقِيلَ: لَا، فَإِذَا صَارَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ حَاكِمًا حَكَمَ لَهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ.
فَرْعٌ: لَا يَحْكُمُ، وَقِيلَ: لَا يُفْتِي عَلَى عَدُوِّهِ، وَجَوَّزَ الْمَاوَرْدِيُّ الشَّافِعِيُّ حُكْمَهُ عَلَى عَدُوِّهِ ; لِأَنَّ أَسْبَابَ الْحُكْمِ ظَاهِرَةٌ، بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ. وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي عَمُودَيْ نِسْبَةٍ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ لَا يَحْكُمُ عَلَى عَدُوِّهِ كَالشَّهَادَةِ، وَلَا نَقْلَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَمَنَعَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِيهِمْ كَالشَّهَادَةِ.
[يَسْتَحِبُّ أَنْ يَنْظُرَ فِي أَمْرِ الْمَسَاجِينِ أَوَّلًا]
(وَأَوَّلُ مَنْ يَنْظُرُ فِيهِ أَمْرُ الْمَحَبَّسِينَ) لِأَنَّ الْحَبْسَ عَذَابٌ، وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْبَقَاءَ فِيهِ، فَاسْتُحِبَّ الْبَدَاءَةُ بِهِمْ. (فَيَبْعَثُ ثِقَةً إِلَى الْحَبْسِ فَيَكْتُبُ اسْمَ كُلِّ مَحْبُوسٍ وَمَنْ حَبَسَهُ وَفِيمَ حَبَسَهُ فِي رُقْعَةٍ مُنْفَرِدَةٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ طَرِيقٌ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحَالِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ، وَلِئَلَّا يَتَكَرَّرَ بِكِتَابَتِهِ فِي رُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ النَّظَرُ فِي حَالِ الْأَوَّلِ مِنْهَا فَالْأَوَّلِ، بَلْ يُخْرِجُ وَاحِدَةً مِنْهَا بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي الْقُرْعَةِ. (ثُمَّ يُنَادِي فِي الْبَلَدِ أَنَّ الْقَاضِيَ يَنْظُرُ فِي أَمْرِ الْمَحْبُوسِينَ غَدًا فَمَنْ لَهُ فِيهِمْ خَصْمٌ فَلْيَحْضُرْ) كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالرِّعَايَةِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إِعْلَامًا بِيَوْمِ جُلُوسِ الْقَاضِي. وَفِي الشَّرْحِ: أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute