فَصْلٌ الثَّالِثُ: الْوَلِيُّ، فَلَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ، فَإِنْ زَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
الْإِذْنِ) ; لِعَدَمِ الْمُبَاضَعَةِ وَالْمُخَالَطَةِ، وَكَمَا لَوْ وُطِئَتْ فِي الدُّبُرِ، وَعَكْسُ هَذَا لَوْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا بِوَطْءٍ بَعْدَ زَوَالِهَا فَهِيَ فِي حُكْمِ الثَّيِّبِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وِفَاقًا لِوُجُودِ الْمُبَاضَعَةِ، وَعَنْهُ: زَوَالُ عُذْرَتِهَا مُطْلَقًا وَلَوْ بِوَطْءِ دُبُرٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يَشْمَلُ الْأَبَ وَغَيْرَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ، وَقَالَ فِي " التَّعْلِيقِ ": إِنَّ مِنْ أَصْلِنَا أَنَّ إِذْنَ الْبِكْرِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْأَبِ - النُّطْقُ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَيُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِئْذَانِ تَسْمِيَةُ الزَّوْجِ عَلَى وَجْهٍ تَقَعُ مَعْرِفَتُهَا بِهِ، ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
[الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْوَلِيُّ]
[حُكْمُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ وَلِيٍّ]
فَصْلٌ (الثَّالِثُ: الْوَلِيُّ، فَلَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ) هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ لِلْأَصْحَابِ ; لِمَا رَوَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَهُوَ لِنَفْيِ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ ; بِدَلِيلِ مَا رَوَى سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهَا، فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ، بَاطِلٌ، بَاطِلٌ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، فَإِنِ اشْتَجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَادَّعَى الْقَاضِي أَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، لَا يُقَالُ: يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى نَفْيِ الْكَمَالِ ; لِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقَائِقِ الشَّرْعِيَّةِ، أَيْ: لَا نِكَاحَ شَرْعِيّ أَوْ مَوْجُود فِي الشَّرْعِ إِلَّا بِوَلِيٍّ.
وَالثَّانِي: يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ، وَأَنْتُمْ لَا تَقُولُونَ بِهِ، مَعَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢] يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ نِكَاحِهَا لِنَفْسِهَا ; لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَيْهِنَّ ; وَلِأَنَّهُ خَالِصُ حَقِّهَا، فَصَحَّ مِنْهُ كَبَيْعِ أَمَتِهَا، قِيلَ: لَا مَفْهُومَ لَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: ٢٣] الْآيَةَ ; لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِالنَّهْيِ عَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute