فَإِنْ فَعَلَ، وَكَانَ كَثِيرًا، فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي طَاقِ الْقِبْلَةِ
أَوْ يَتَطَوَّعُ فِي مَوْضِعِ الْمَكْتُوبَةِ إِلَّا مِنْ حَاجَةٍ
وَيُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِينَ الْوُقُوفُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَبَقَ، وَقِيلَ: يَجُوزُ لَهُ خَاصَّةً (فَإِنْ فَعَلَ وَكَانَ كَثِيرًا) وَهُوَ ذِرَاعٌ عِنْدَ الْقَاضِي، وَقَدَّرَهُ أَبُو الْمَعَالِي مِقْدَارَ قَامَةِ الْمَأْمُومِ، لِحَاجَتِهِ إِلَى رَفْعِ رَأْسِهِ إِلَيْهِ؛ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (فَهَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟) أَيِ: الْإِمَامِ (عَلَى وَجْهَيْنِ) الْمَذْهَبُ صِحَّتُهَا، لِفِعْلِ حُذَيْفَةَ وَعَمَّارٍ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالثَّانِي: لَا تَصِحُّ، قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ لِلنَّهْيِ، فَعَلَى هَذَا إِنْ سَاوَاهُ بَعْضُهُمْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاتُهُمْ فِي الْأَصَحِّ، زَادَ بَعْضُهُمْ: بِلَا كَرَاهَةٍ، وَفِي النَّازِلِينَ إِذَنِ الْخِلَافُ، وَلَا بَأْسَ بِعُلُوِّ الْمَأْمُومِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَا يُعِيدُ الْجُمُعَةَ مَنْ يُصَلِّيهَا فَوْقَ سَطْحِ الْمَسْجِدِ، رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَرَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ أَنَسٍ، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، أَشْبَهَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ، وَقَيَّدَهَا فِي " الْكَافِي " إِذَا اتَّصَلَتِ الصُّفُوفُ.
[صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي طَاقِ الْقِبْلَةِ]
(وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي طَاقِ الْقِبْلَةِ) أَيِ: الْمِحْرَابِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَتِرُ عَنْ بَعْضِ الْمَأْمُومِينَ، أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ حِجَابٌ، وَحِينَئِذٍ فَيَقِفُ عَنْ يَمِينِ الْمِحْرَابِ، نَصَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ حَاجَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَضِيقِ الْمَسْجِدِ وَكَثْرَةِ الْجَمْعِ لَمْ يُكْرَهْ، وَعَنْهُ: لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا كَسُجُودِه فِيهِ، وَكَمَا لَوْ شَاهَدَهُ الْمَأْمُومُ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ، ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى.
فَائِدَةٌ: اتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ فِيهِ مُبَاحٌ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، أَوْمَأَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ، وَابْنُ عَقِيلٍ، لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ، لَكِنْ قَالَ الْحَسَنُ: الطَّاقُ فِي الْمَسْجِدِ أَحْدَثَهُ النَّاسُ، وَكَانَ يُكْرَهُ كُلُّ مُحْدَثٍ، وَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ: لَا تَزَالُ هَذِهِ الْأُمَّةُ بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَتَّخِذُوا فِي مَسَاجِدِهِمْ مَذَابِحَ كَمَذَابِحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute