للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَى بَهِيمَةً، وَغَيْرُ الْوَطْءِ لَا يُبْلَغُ بِهِ أَدْنَى الْحُدُودِ.

وَمَنِ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ عُزِّرَ، وَإِنْ فَعَلَهُ خَوْفًا مِنَ الزِّنَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْجَهْمِيَّةِ، وَعَنْ أَحْمَدَ، وَكَذَا كُلُّ وَطْءٍ فِي فَرْجٍ، وَهِيَ أَشْهَرُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ، وَعَنْهُ: أَوْ دُونَهُ، نَقَلَهُ يَعْقُوبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمَا، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عَلِيًّا وَجَدَ رَجُلًا مَعَ امْرَأَةٍ فِي لِحَافِهَا، فَضَرَبَهُ مِائَةً، وَالْعَبْدُ بِخَمْسِينَ إِلَّا سَوْطًا (وَكَذَلِكَ يَتَخَرَّجُ فِيمَنْ أَتَى بَهِيمَةً) إِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ لَا يُحَدُّ، بَلْ يُعَزَّرُ، لِأَنَّهُ وَطْءٌ فِي فَرْجٍ أَشْبَهَ وَطْءَ أَمَةِ امْرَأَتِهِ (وَغَيْرُ الْوَطْءِ لَا يُبْلَغُ بِهِ أَدْنَى الْحُدُودِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ» . وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي مُوسَى: لَا يُبْلَغُ بِالتَّعْزِيرِ أَدْنَى الْحُدُودِ.

تَنْبِيهٌ: التَّعْزِيرُ يَكُونُ بِضَرْبٍ، وَحَبْسٍ، وَتَوْبِيخٍ، وَقِيلَ: فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَلَا يَقْطَعُ عُضْوًا، وَلَا يَجْرَحُهُ، وَلَا يَأْخُذُ مَالَهُ، وَإِنْ عَفَا عَنْهُ مُسْتَحِقُّ الْحَدِّ سَقَطَ مَعَه التَّعْزِيرِ، وَإِنْ عَفَا مُسْتَحِقُّ التَّعْزِيرِ لَمْ يَسْقُطْ.

فَائِدَةٌ: مَنْ عُرِفَ بِأَذَى النَّاسِ حَتَّى بِعَيْنِهِ حُبِسَ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ، قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، قَالَ الْقَاضِي: لِلْوَالِي فِعْلُهُ، وَفِي التَّرْغِيبِ: لِلْإِمَامِ حَبْسُ الْعَائِنِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقْتَلَ إِذَا كَانَ يَقْتُلُ بِهَا غَالِبًا، وَفِيهِ نَظَرٌ.

[حُكْمُ الِاسْتِمْنَاءِ]

(وَمَنِ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ) حَرُمَ، وَ (عُزِّرَ) لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} [المؤمنون: ٥] وَلِحَدِيثٍ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ فِي جُزْئِهِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ تَنْزِيهًا، نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: لَا يُعْجِبُنِي بِلَا ضَرُورَةٍ، قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانُوا يَأْمُرُونَ فِتْيَانَهُمْ أَنْ يَسْتَعِفُّوا بِهِ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ مُطْلَقًا، وَنَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، (وَإِنْ فَعَلَهُ خَوْفًا مِنَ الزِّنَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ خَوْفًا عَلَى بَدَنِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، فَفِعْلُهُ خَوْفًا عَلَى دِينِهِ أَوْلَى، وَيَجُوزُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى نِكَاحٍ، وَلَوْ أَمَةً، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ، وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ، فَتَسْتَعْمِلُ شَيْئًا مِثْلَ الذَّكَرِ، وَيُحْتَمَلُ الْمَنْعُ وَعَدَمُ الْقِيَاسِ، ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>